الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تغييب المرأة السعودية عن العمل تسبب في الكثير من المشاكل التي أضرت بالاقتصاد السعودي ، وكبدته خسائر ضخمة كان بالامكان تفاديها . فتعليم الفتاة السعودية لا يختلف عن تعليم الشباب ، ويكفي أن نعرف أن الملتحقات بالدراسة الجامعية للعام2017 بلغ 663818 طالبة ، في حين أن عدد الملتحقين من الطلاب بلغ 573110 طالب ، وهذا الفارق الواضح لصالح الفتيات في المرحلة الجامعية فقط بخلاف بقية المراحل يعطـي مؤشرا قويا جدا كم كنا ومازلنا نخسر بسبب عدم تمكين المرأة من العمل .
وإجمالا نحن نخسر المليارات في تعليم المرأة ، ثم لا تجد المكان المناسب للعمل ، ويذهب كل ما أنفق عليها سدى وليست تلك الخسارة الأكبر، الخسارة الحقيقة ألا تكون تلك الأعداد للخريجات من الفتيات في مختلف المراحل الدراسية رافدا للاقتصاد ، بل يتحولن إلى عالة عليه وعلى أسرهم ، وعلى ميزانية الدولة في الإعانات المختلفة . ليس ذلك فحسب ، بل يقوم الاقتصاد بتعويض تغييب المرأة السعودية عن سوق العمل بالعمالة الوافدة من الجنسين ، ويعلم الجميع حجم هذه الكارثة وما سببته وتسببه من مشاكل للاقتصاد السعودي ، وكم تكبده سنويا من مليارات الدولارات ، بخلاف ما تتكبده الدول سنويا لعلاج تلك المشكلة .
كان ذلك الخبر السيئ ، أما الخبر الجيد فهو أن زمن حرمان المرأة من العمل في كل المجالات المناسبة لها قد ولّى ، وأن هذا زمن عودة المرأة السعودية للحياة الطبيعة ، ومشاركة الرجل العمل وبناء الوطن وستكون لتلك العودة الحميدة الكثير من الفوائد على الاقتصاد وعلى مختلف نواحي الحياة .
وأهم فوائد تمكين المرأة تتمثل في الأعداد الكبيرة من قوة العمل التي ستدخل سوق العمل ، لتعويض العمالة الوافدة التي يفترض أن تخرج ، فبدون المرأة لا يمكن تعويض الأعداد الكبيرة من الخارجين من سوق العمل ، ولن تنجح خطط التوطين بدون المرأة .
دخول المرأة لسوق العمل سيفرض ضغوط وتحديات كبيرة على الشباب السعودي والعمالة الوافدة واصحاب العمل : فالتحدي الذي يفرضنه على الشباب السعودي من جانبين أساسيين ، أولهما رفع مستوى المنافسة على المهن المطروحة ، فالفتيات أكثر تأهيلا علميا، فالجميع يعلم أنهن أكثر حرصا على التحصيل العلمي من الشباب وأكثر إنضباطا في العمل بطبيعتهن ، وأكثر دقة في تنفيذ الأعمال ، وأكثر إلتزاما بالأنظمة والقوانين ، وفي الجانب الأخر يقبلن بأجور أقل.
كل تلك التحديات التنافسية ستفرض على الشباب رفع كفاءتهم، فمن ينافسونه ليس أجنبيا يكفيهم الصراخ لأخذ الوظيفة منه ، الأن(هنا فتاة سعودية ، على مستوى التحدي ، هل أنت كذلك؟؟) .
أما التحدي الذي يفرضنه على صاحب العمل في الحجة الأكثر استخداما ، التأهيل والإنضباط ، أعتقد أن الفتيات سوف ينسفنها تماما ، بتأهيلهم العالي ، وإنضباطهم الكبير ، بل وتحديهم الأكبر لإثبات قدرتهن على تحمل المسؤولية ، حتى حجة الأجور التي يحاول البعض منهم التنصل منها بينما هي الحجة الأكبر ، الفتيات يقبلن بأجر أقل (ولا أتمنى أن يفعلن) ، فهن يستحقين أجرا موازيا للرجل .
أما التحدي الذي سيفرضنه على العمالة الوافدة فواضح ، إذ يتمثل في الأعداد الكبيرة من قوة العمل السعودية التي ترغب في دخول سوق العمل فيكفي أن نعرف أن عدد طالبات العمل بنهاية الربع الرابع 2017 بلغ 911,248 فتاة ، في المقابل لم يتجاوز طالبيالعمل من الشباب 175,313 شاب ، أي أن الفتيات يمثلن 84٪ من طالبي العمل ، وهذا العدد الكبير من طالبي العمل السعوديين يفرض إحلالهم محل العمالة الوافدة، بالاضافة إلى قبولهن بأجر أقل من الشباب مما يزيد من الضغط على العمالة الذين يدعون أن أجورهم منخفضة . إضافة إلى تأهليهم العالي الذي يفوق معظم العاملين غير السعوديين في سوق العمل .
أخيرا دخول المرأة لسوق العمل سيعزز القوة الشرائية لدى الأسر السعودية ، وهذا سيدعم الاقتصاد من جانبين ، تعويض القوة الشرائية للعمالة الوافدة الخارجة بأكثر مما كانت تدعم الاقتصادالسعودي ، ودعم ميزانية الأسرة ، ورفع قدرتها على الإدخار والإستثمار ، مما يعني مزيدا من النمو وبقاء الأموال داخل الاقتصاد ، ودورانها فيه .
مع كل الأمل القادم الذي نراه بوضوح بدخول المرأة لسوق العمل ، فمازال الطريق طويلا والمعوقات كثيرة وكبيرة ، واعتقد أن أهمها ضعف بيئة العمل المناسبة للمرأة السعودية ، والأنظمة التي تضمن حمايتها من أي أذى ، وحفظ حقوقها من الضياع والإنتقاص ،لتوسيع المجالات التي يمكن للمرأة أن تعمل فيها ، فما زالت مجالات عمل المرأة السعودية محدودة جدا مع كل المكاسب التي تحققت .
اعتقد أن تطوير الأنظمة وبيئة العمل لتسهيل دخول المرأة لسوق العمل مازال ضعيفا جدا ، وذلك أهم ما يجب العمل عليه خلال الفترة القادمة من قبل وزارة العمل والجهات الأخرى ذات العلاقة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال