الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في صالة الانتظار بأحد المطارات تنتظر الإعلان عن موعد إقلاع الرحلة التي سعيت جاهدا لتجعل منها ذكرى لا تنسى. كيف لا وهي الرحلة التي انتظرتها أشهر طويلة كنت قد قضيتها من العمل وأنت الآن تؤمن أنك تستحق مكافأة نفسك ولو بالقليل. تركب الطائرة بعد سماع النداء ثم ما تلبث أن تتمنى كما تمنيت سابقا لو أنك تملك قواماَ رشيقاَ ليتناسب وحجم المقعد الذي حجزت. هذا السيناريو يتكرر معك لأنك وبالرغم من كثرة أسفارك فإنك لازلت تشعر أن التجربة لا تختلف كثيراَ لكنك هذه المرة لفت انتباهك وجود إعلان لأحد الشركات على المقعد الذي أمامك. انشغلت معه قليلاَ إلا أن مزاجك المتعكر لم يسمح لك بالتفكير في المنتج أو الخدمة التي تعلن عنها هذه الشركة.
قبل أيام سمعنا عن تصويت في مجلس النواب الأمريكي على قانون جديد من تشريعات إدارة الطيران الفيدرالية يركز على عدة محاور ومنها المعايير الدنيا لمساحة المقاعد التي يتوجب توفيرها في الطائرات بما في ذلك المسافة بين الصفوف وعرض المقاعد. هذا التصويت يأتي تزامنا مع نشر مؤشر رضا العملاء في قطاع الطيران بالولايات المتحدة الأمريكية والذي انخفض مقارنة بالعام المنصرم بما يقارب 2%. وإذا كان انخفاض أسعار الوقود على مدى عدة سنوات قد سمح لشركات الطيران بأن تلعب على وتر الأسعار المخفضة فتكسب رضا العملاء في الولايات المتحدة، فإن هذا لم يعد هو الحال مؤخرا مع تزايد أهمية الخدمة.
التقرير يشير أيضا إلى الفائدة التي حصلت عليها بعض خطوط الطيران بسبب الاندماج من حيث عدد المحطات وكذلك الخدمة. ولأن المنافسة في هذا القطاع ليست سهلة، والتكلفة تلعب دورا جوهريا ينعكس على الأداء بنهاية العام فإن الخيار غالبا ما يكون من الصعوبة بمكان. ولكن يا عزيزي القارئ وحتى لا تكون الصورة قاتمة، دعني الآن أستعرض معك بعض من تجارب خطوط الطيران اتي انعكست إيجاباَ على سمعة الشركات.
أحد خطوط الطيران فكرت بتصميم برنامج شخصي لكل راكب على الطائرة بحيث يتمنى لو طالت هذه الساعات التي يقضيها بين السماء والأرض. قامت بإعادة طباعة المجلة المتوفرة في جيب كل مقعد والتي بالكاد تجد راكب يقرأها. هذا التصميم الجديد تم بعد دراسة مفصلة عن كل راكب وهواياته وميوله عن طريق حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي. تمت طباعة نسخة لكل راكب وجد عليها صورته وتحوي المواضيع التي يهواها ويميل إليها. والآن فكر معي كيف يمكن أن تكون نتيجة هذه التجربة؟ الجواب أن معدل القراءة ارتفع على متن الطائرة مع عدم تذمر أو ملل من طول الرحلة بل إن معظم الركاب طلبوا أخذ النسخة معهم بعد الهبوط.
وحتى على صعيد الخدمة على متن الطائرة أستطيع أن أجزم لك أنها تصنع الفرق. وقصة كيري درايك الراكب الذي سمع بتدهور حالة والدته الصحية فقام على الفور بالحجز على أقرب رحلة هي خير دليل على ذلك. اضطر كيري أن يحجز على رحلة تتوقف بأكثر من مطار و مع الأسف الشديد فإن موعد إقلاع رحلته تأخر قليلاَ مما يعني أنه بالتأكيد لن يتمكن من اللحاق بموعد إقلاع الرحلة المواصلة. لقد لاحظ الطاقم في الرحلة ضائقته وسألوه عن السبب وبدون علمه، قام الموظف بإشعار الرحلة المواصلة بأهمية التأخر قليلا لانتظار السيد درايك حتى يتمكن من اللحاق بها.
لقد تمكن من رؤية والدته التي كانت تحتضر. وكتب رسالة لخطوطالطيران لا زال يذكرها إلى هذا اليوم. وخلاصة القول هنا أن إضافة بعض اللمسات من قبلنا تصنع الكثير ولكن علينا أن نفكر كيف نقدمها لنملك قلب العميل قبل كل شيء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال