الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الحق بيُن والباطل بيُن، وسارق الكتاب، البحث، المقال، الشعر، أو حتى التغريدة المكونة من 280 حرف، يعلم جيداً أنه يقترف جرماً بكل المقاييس، ولكن كما نعلم “من أمن العقوبة أساء الأدب” والمعنى من هذه المقولة أن عدم وجود عقوبة على الجرم يؤدى إلى اعتباره من بديهيات الحياة. تحول الجرم تدريجياً إلى بديهيات مباحة لعدم وجود عقوبات هو أمر طبيعي ولا علاقة له لا بالتربية ولا بالوازع الديني، لأن الإنسان بطبعه يعيش في دوامة الحياة بعدد كبير من المفاوضات للبحث عن حلول تصل بحياته إلى الرفاهية المادية والمعنوية.
الطموح لهذه الرفاهية يؤدي بهذا الإنسان إعتباراً من المرحلة الإبتدائية وحتى مرحلة الدكتوراة إلى عمل البحث المطلوب منه لدى محلات “خدمات الطالب” وهي التي وجدت من أجل الطباعة المتقدمة وبيع المستلزمات الخاصة بالأبحاث، ولكنها قامت بتطوير عملها إلى إعداد الأبحاث العلمية والعروض التقديمية وحتى الواجبات التي يطلبها المعلمون وأساتدة الجامعات. ومعد البحث الحقيقي وهو مجرد موظف بمحل خدمات الطالب قد يكون غير مؤهل لإعداد هذا النوع من الأبحاث فيعمد حينها إلى النسخ واللصق من شبكة الإنترنت.
وفي هذا السياق قد يتفق معي الأكاديميون بأن نسبة عالية جداً من الطلاب يقدمون للجامعات أبحاثاً منسوخة من الإنترنت بطريقة مكشوفة لدرجة اننا لا نحتاج إلى برنامج متخصص للكشف عن السرقة العلمية Plagiarism Checker بل بمجرد نسخ أي جملة من الورقة المقدمة والبحث عنها بواسطة Google ستجد المصدر الرئيسي لهذا البحث وقد تجده كاملاً وبأخطاءه الإملائية فالعامل بمكاتب خدمات الطالب مجرد مقاول “مثل الحمار يحمل أسفاراً” لا يعلم ماذا ينقل بل يهدف فقط لملء الورق وتسليم “المقاولة” للطالب الغبي وإستلام المقابل البخس.
كالعادة سنلقي نظرة سريعة عن ما يفعله الغرب وتحديداً أمريكا من ضبط وربط، أو بمعنى أدق إدارة معرفية للأبحاث وذلك من خلال جهة معتبرة “المكتب الفيدرالي لأخلاقيات البحث العلمي” وهو تطبيق واقعي لإدارة المعرفة لحماية النزاهة العلمية، حيث يشرف هذا المكتب على نزاهة الأبحاث وترسل له تقارير الحالات الأخلاقية من جميع المراكز البحثية والجامعات في الولايات المتحدة، مما يجعل لديه قاعدة بيانات قوية عن كل باحث وصولاً إلى وضع الباحث في القائمة السوداء في حال وجود سرقات علمية مثبتة عليه لدى المكتب وهذا يذكرنا بنظام “سمة” المرتبط بالعمليات المالية والقروض.
وجود مثل هذا المكتب بالمملكة أو على مستوى مجلس التعاون الخليجي GCC سيكون له أثر كبير في توحيد وجهة النظر بين الجامعات السعودية و الخليجية كمجتمعات أكاديمية راقية وواعدة مؤخراً بتأسيس جامعات ومراكز بحثية ضخمة ولا يجعل ذلك مجالاً للمتجاوزين بالتهرب والنشر العلمي بين دول المجلس.
أقترحت في تغريدة لي قبل أيام أن يتم تأسيس “الهيئة السعودية لأخلاقيات البحث العلمي” وباللغة الإنجليزية Saudi Authority of Research Integrity – SARI، والذي يمكن أن يقوم عليه مزيج من المخضرمين أصحاب الخبرات والشباب “الهارفارديين” خريجي جامعة هارفارد أو خريجي الجامعات الـ20 الأولى عالمياً ليساهموا في وصول جامعات المملكة وجهودها الأكاديمية إلى مستوى الدول العظمى وما سيساهم في تحقيق ذلك هي القوة التنفيذية لهذا المكتب.
حماية النزاهة العلمية هي السبيل الوحيد للوصول إلى أبحاث علمية عائدة على المجتمع والعالم بالفائدة، فالتساهل في السرقة العلمية قد تنتج لنا باحثاً يمارس “النسخ واللصق” فقط ومهندساً كسولاً وطبيباً قاتلاً ومعلماً فارغاً. فلنحمي النزاهة العلمية ونجهز أنفسنا بعد ذلك لدخول العالم الأول من أوسع أب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال