الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ستظل مشاكل سوق العمل من أكبر التحديات في سبيل تحقيق هدف من أهم أهداف رؤية السعودية 2030 ، والمتمثل في خفضالبطالة إلى 7% ، والذي يبدو أنه ليس قريبا ولا سهل المنال رغم بساطته الظاهرية ، في ظل عقم كل الحلول المتبعة حتى الأن .
التوطين هدف جوهري ولا يجب أن نفكر ولو للحظة أن نتخلى عنه تحت أي ضغوط ، وهي كثيرة جدا ، من رجال الأعمال ، وحكومات دول العمالة في سوق العمل ، والخوف من التضخم ، وعدم جاهزية البديل السعودي .
في الجانب الأخر يجب أن نحرص كثيرا على الحفاظ على جودة سوق العمل ومتانته ، ولا نسمح له بالإنهيار ، إما لتردي العمالة التي ستبقى في السوق ، لأن ضغوط الضرائب والرسوم وأنظمة التوطين ستؤدي إلى خروج العمالة الجيدة قطعا ، مع ضعف مهارات العمالة السعودية الداخلة ، أو أن يؤدي الضغط على قطاعات معينة مستهدفة بالتوطين ، إلى حدوث عجز في الأيدي العاملة بتلك القطاعات ، وعدم قدرة العمالة السعودية على تغطية ذلك العجز .
هدفان مهمان جدا ، جودة سوق العمل ، وكفاءة التوطين ، لكنهما متعاكسان في الإتجاه ، وليس من السهل تحقيقهما معا ، والتخلي عن أحدهما سينتج عنه أضرار كبيرة جدا ، اقتصادية ، وأمنية ، واجتماعية . فكيف السبيل للتوفيق بينهما ؟؟ وقد جربت وزارة العمل كل الحلول المنطقية منها والعجيبة ، ولابد لها الأن من تجربة الحلول القديمة ، التي جربتها الدول من قبل .
فلرفع جودة سوق العمل والحفاظ على تلك الجودة ، يجب على وزارة العمل الإشتغال على توصيف جميع المهن المصنفة في سوق العمل السعودي ، على أن يشمل ذلك التوصيف الحد الأدنى من الشهادات المطلوبة لكل مهنة ، مع شمولها لكل المسميات التي تخرّجها الجامعات السعودية ، تفاديا للصداع المزمن بعدم التصنيف ، ويشمل الحد الأدنى من المهارات المطلوب توافرها في الوظيفة ، والمهام الأساسية لها ، والخبرات اللازمة ، ويفضل أن يشمل التوصيف الحد الأدنى للأجور ، مع الأخذ بعين الإعتبار مكانة المملكة الاقتصادية ، ومعدل الأجور في الدول المشابهة للمملكة اقتصاديا ، والأهم الحد الأدنى للأجور المناسبة للعيش بكرامة ، وما تستحقه كل وظيفة من أجر .
بعد ذلك يجب إلزام الشركات على وضع الهيكل الوظيفي لها بما يتوافق مع ذلك التوصيف ، وتطبيقه على موظفيها إلزاميا في جوانب الشهادات والمهارات والخبرات والمهام ، وفيما يتعلق بالأجور يمكن تصنيف الشركات حسب قدرتها المالية على تحمل الحد الأدنى للأجور ، أو العمل على نظام مناسب للأجور ، ولو على حساب شيء من التضخم ، في سبيل ضمان الجودة .
الإجراء السابق سوف يُخرج عددا كبير جدا من العمالة الوافدة من السوق ، فحسب الإحصاءات ، النسبة الأكبر من العاملين في السوق السعودي من الوافدين هم من حملة الشهادة الثانوية فما دون ، ويعملون في مهن لا تتوافق مع تخصصاتهم ومهاراتهم وخبراتهم .
وهذا الأجراء أيضا سيضمن توظيف الشباب السعودى المؤهل ، الذي أضطر في السنوات الأخيرة للقبول بوظائف لا تتناسب مع تخصصاته وإمكانياته ، دون الحاجة لكثير من الإجراءات الإلزامية ، فوجود السعودي المؤهل حسب التوصيف الوظيفي يكون أحق بالعمل. كما أنه يحل أهم اعتراضات الشركات ، من حيث كفاءة وجودة العامل السعودي المراد توظيفه محل العامل غير السعودي .
وذلك الإجراء بمفرده سيضمن جودة سوق العمل فقط ، لكنه لن يضمن توطين الوظائف خصوصا العليا منها ، ولضمان حق السعودي في وطنه ، مع عدم المساس بجودة سوق العمل ، وضمان كفاءة التوطين ، يتم تطبيق الإجراء الذي طبقته كثير من دول العالم ونجحت فيه بإمتياز ، خصوصا دول شرق أسيا ، وهو (برنامج الإحلال) ، والمعروف لدى الجميع .
برنامج الإحلال بإختصار توظيف السعودي المؤهل الذي تنقصه الخبرة العملية إلى جوار العامل غير السعودي ، ودخوله في برنامج تأهيل مكثف ودقيق بشروط ضمان الجودة ، وخلال مدة زمنية مناسبة على أن تتحمل الحكومة جزءا كبيرا من أجور العمالة السعودية أثناء فترة الإحلال . وهذا سيضمن كفاءة الدعم الذي يقدمه صندوق الموارد البشرية ، في برامج التوطين ، بل سيلغي بعض البرامج العقيمة جدا مثل برامج التدريب ، فلا أفضل من التدريب على رأس العمل .
بتطبيق البرنامجين معا (التوصيف الوظيفي) ، و (الإحلال) سنضمن جودة سوق العمل ، وكفاءة التوطين ، ولن نشعر بالذنب على السعودي الذي لم يستطع دخول سوق العمل ، كما لن نشعر بالذنب على من خرج من سوق العمل من غير السعوديين .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال