الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتواتر علينا الإحصائيات عن التزايد المستمر في نسب الطلاق في المجتمع السعودي، حتى وصلت إلى 50% تقريباً بمنطقة مكة المكرمة. هناك بالطبع أبعاد إقتصادية ناتجة عن خروج شركات كبرى من السوق وتخفيض أعمال شركات أخرى بسبب الظروف الإقتصادية محلياً وعالمياً والذي أدى بشكل مباشر لفقدان عشرات الآلاف من المواطنين لوظائفهم وبالتالي يعتبر ذلك من الأسباب المباشرة لنهاية العلاقة الزوجية لا سيما في حالات عدم توفر دعم عائلي أو مصدر دخل لدى الزوجة.
ولكن هناك شريحة كبيرة لم تكن متضررة من الظروف الاقتصادية وهي تمثل مئات الألوف الذين أرى أن “تجار الوهم” تسببوا في طلاقهم سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر. وهنا يجب تحديد أوجه الوهم المقصودة، وهي تبدأ من أدوية التخسيس وحبوب الفيتامينات التي قد تحول الإنسان إلى كائن ذو نشاط عقلي وجسدي عشوائي ومدمر وذلك بسبب تعاطيها دون وصفة طبية بشرائها طبعاً من “تاجر وهم” يبيع أدوية دون وصفة. وكذلك حال تقنيات “النفخ” سواءً للشفاة أو الوجه أو مناطق بالجسد فيتحول الإنسان إلى كائن بلاستيكي لا حياة فيه من قبل “تاجر وهم” أخر يسمي نفسه أخصائي تجميل.
ويأتي دور الإستشارات الأسرية والفتاوي العشوائية بالضرب والعنف كما رأينا في الدورة الأخيرة التي أتوقع أنه تم خلالها إقناع عشرات المقبلين على الزواج بمفاهيم خاطئة ستؤدي لإنهاء الزواج عاجلاً أم آجلاً ولكن تم إيقافها لمراجعة “الحقائب التدريبية” من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ولله الحمد بعد وصول المعلومة لهم بفضل وعي وجهود شباب وشابات بمواقع التواصل الاجتماعي. وعند التعمق وجدنا أن مشاهير و”غلاة” الإستشارات الأسرية هم من حاملي الشهادات الوهمية، وبذلك يتضح لنا أنا الموضوع أكبر وأعمق من مجرد “حقيبة تدريبية” إنه وهم متجذر فالشخص القائم على إعداد وعرض الحقيبة هو عبارة عن كائن وهمي يدعي حصوله على شهادة الدكتوراة في علم النفس مثلاً فيكسب الثقة والقلوب بعلومه الوهمية المنسوخة بشكل عشوائي من Google دون منهج علمي وطبعاً غالباً ما تكون نتائج إتباعها مخزية.
النظام المعرفي لحاملي لواء المهن في جميع أنحاء العالم يكون لدى النقابات المهنية وهي مصطلح تم تحويره في المملكة إلى “هيئات” مثل هيئة التخصصات الصحية وهيئة المحامين وهيئة المهندسين ومن خلال الهيئات يمكن لأي جهة أو فرد التأكد من صلاحية الترخيص المهني والمؤهل الدراسي لأي مدعي للمهنة. ومن خلال الإطلاع يتضح الطلب العالي على دورات التهيئة للزواج و الاستشارات الأسرية فإن ذلك بالمقابل يتطلب وقفة سريعة من وزارة العمل والتنمية الإجتماعية لبسط قبضتهم على مهنة المستشار الأسري قبل أن نندب حظنا على إختطاف المهنة من قبل “تجار الوهم”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال