الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما نلتفت إلى كثير من المنظمات سواءً في القطاع العام أو الخاص أو غير الربحي نجد اهتمام كبير باللوائح والسياسات الداخلية ويتمثل ذلك بتعيين موظفين مختصين وإنشاء إدارات معنية بصياغة تلك اللوائح ومتابعة الالتزام بها وصرف الميزانيات لها. وذلك لضبط سلوك الأفراد داخل تلك المنظمات، وتنظيم العلاقات بين أصحاب المصالح لضمان استمرارية المنظمة وتحقيق العدالة وحفظ الحقوق والحد من الفساد والاحتيال. لكن هل يمكن أن يكون القانون فقط هو الضابط للسلوك داخل المنظمات؟
القانون يكتسب قوته من العقوبات والجزاءات المرتبطة بمخالفته، ومتى ما تعذر ايقاع تلك العقوبات أو الجزاءات لأي سبب كان فإن ذلك يضعف من قدرة القانون في إحداث الأثر المطلوب. أيضاً لضمان الالتزام بأحكام القانون يتوجب توفر نظام رقابة صارم مما يستلزم استهلاك الكثير من الموارد المالية والبشرية. كما يجب على القانون لتحقيق أهدافه ومقاصده ألا يحوي ثغرات يستطيع أحد الأفراد أن ينفذ من خلالها، مما يصعب إن لم يستعصي تطبيقه؛ بسبب التطور السريع في جميع مجالات الحياة وصعوبة مواكبة القوانين بنفس وتيرة السرعة بصورة دائمة. من الأمور التي تؤخذ أيضاً على القانون هو عدم قدرته على تنظيم كل شيء بكل الأحوال، فهو يحاول أن يضمن على الأقل الحد الأدنى من العدالة. لأنه قد يكون في تدخله ظلم لبعض الفئات من المخاطبين بأحكامه أو يشكل عبء عليهم مما لا يمكن معه الوصول للأهداف المنشودة من وضع القانون.
فعلى سبيل المثال قد يفرض القانون ساعات محددة للعمل لكن لا يمكن له أن يضمن الاستثمار الأمثل للموارد خلال تلك الساعات.
قد يمنع القانون الإساءة إلى الآخرين بأي طريقة كانت لكن لا يمكن له أن يضمن الإحسان إليهم.
قد يجرم القانون التزوير وشهادة الزور لكنه لا يضمن الصدق والأمانة في جميع المعاملات اليومية بين الأطراف المختلفة والإخلاص في النصيحة.
هنا يأتي دور القيم الأخلاقية كمكمل للقانون ومتمم له. لا يمكن العمل بأحدهما بمنأى عن الآخر، فعند تصور منظمة بقوانين وأنظمة دون قيم أخلاقية ستكون كالجسد بلا روح، قد تحد من المخاطر في المنظمة لكنها لن تصل بها للكفاءة والفعالية التي تهدف لها. وعند وجود القيم الأخلاقية في منظمة ما دون وجود لأنظمة وقوانين ستكون هناك فوضى بلا شك لاختلاف مفاهيم الناس وخلفياتهم وتصوراتهم وتقديراتهم للأمور وإن حسنت النوايا.
القيم الأخلاقية مهمة في المنظمة كون نطاقها أكبر وتأثيرها أعم، والرقابة فيها ليست مكلفة حيث أنها بأغلب الأحوال رقابة ذاتية لكنها أكثر فاعلية. فعندما يكون الالتزام بالقانون خوفاً من العقوبة مما لا يستدعي معه أن يحرص الشخص على الذهاب إلى أبعد مما واجب عليه في الأنظمة وبذل أفضل ما عنده، تأتي منظومة القيم كمحفز للنزاهة والإحسان في العمل وغيرها من الأعمال الإيجابية التي لا يستطيع القانون التأثير عليها بصورة مباشرة. وجود القوانين والأنظمة مهم لضمان استقرار المنظمة واستدامتها، لكن تعزيز القيم الأخلاقية وتوفير البيئة المناسبة لها سبب للارتقاء بالمنظمة وتعزيز فعاليتها وتعدي أثرها الايجابي ليشمل جميع أصحاب المصالح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال