الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هذا المقال يأتي ضمن سلسلة من المقالات “نحو تعزيز ثقة المستهلك في التجارة الإلكترونية قانونياً”. إن مما تفرضه طبيعة التجارة الإلكترونية على المستهلك هو عدم القدرة على فحص المبيع (المنتج) و التأكد من سلامته، وهو مايؤثر سلباً على ثقة المستهلك في الشراء عن طريق الانترنت. مما يتوجب إعطاءه فرصة أخرى للتأكد من صحة قرار الشراء أو منحه مجموعة من الضمانات كفرض سياسة استبدال و إرجاع.
إن سياسة الاستبدال و الإرجاع هي مما وضحته الشريعة الإسلامية في عدة صور تحت ما يسمى بـ “الخيار”، وهي حزمة من الخيارات التي أتيحت لحماية المستهلك، والتي منها خيار الرؤية، وهو ما يتيح للمستهلك إرجاع المبيع -الذي اشتراه دون أن يراه- وذلك في حال وجود عيب ما، أو إن كان مخالفاً لما عُقدت النية عليه عند الشراء.
أما في وقتنا الحاضر فالتاجر ملزم بوضع هذه السياسة وتوضيحها للمستهلك، ليتمكن – وفق شروط محددة- من تبديل المنتج او إعادته واسترجاع ماتم دفعه. إلا أنه يجدر بالذكر أن مايعمل به في التجارة بشكلها التقليدي قد لا يكون ملائماً للعمل به في التجارة الإلكترونية، وذلك نظراً لطبيعة الوسط التي تتم فيه عمليات التجارة الإلكترونية.
تختلف التجارة الإلكترونية في طبيعتها عن التجارة التقليدية في كونها تتم بين غائبين، غالباً لايعرف أحدهما الآخر، يتعاوض فيها الطرفان على امل أن يفي كلٌّ بالتزامه وفقاً لما تم الاتفاق عليه. إنذلك يتطلب ثقة أكبر من تلك التي تتطلبها التجارة التقليدية، مما يستدعي وجود نظام يفرض سياسة استرجاع واستبدال واضحة تحفظ حقوق مستهلك التجارة الإلكترونية في حال أخلّ التاجر بأي التزام.
لضمان ملاءمة سياسة الاستبدال والإرجاع لطبيعة التجارة الإلكترونية، فإنه بالإضافة إلى مراعاة طبيعة المنتج، ينبغي استحداث حقّ للإرجاع بدون سبب، وذلك بمثابة فرصة ثانية للتأكد من إرادة المستهلك، وتعويضاً عن حقه الفائت في فحص المبيع، على أن يكون ذلك بضوابط وفترات زمنية محددة تضمن عدم التعسف في استعمال الحق وإلحاق ضرر بالتاجر.
في التجارة الالكترونية، لا يكفي وجود خيار حق الاستبدال والإرجاع دون تحديد بداية أهلية استخدام هذا الحق والفترة الزمنية التي ينقضي بفواتها. كذلك ينبغي توضيح كيفية استخدام هذا الحق في ظل وجود منتجات تختلف طبيعتها عن تلك المتداولة في التجارة التقليدية، حيث لا يستوي استخدام هذا الحق لإرجاع منتج ملموس (جوال) بمنتج إلكتروني (تطبيق جوال)..!!
عليه، لتأطير سياسة استبدال و إرجاع فاعلة لتعزيز ثقة مستهلك التجارة الإلكترونية وحمايته، فإنه ينبغي مراعاة الاتي:
– تحديد فترات زمنية للاستبدال و الإرجاع يتم التفريق فيها بين الإرجاع بدون سبب، والاستبدال والإرجاع بسبب كعيب في المبيع، أو لعدم مطابقة وصف المنتج وخصائصه المتفق عليها مسبقاً.
– اختلاف طبيعة المنتجات، على أن يتم تحديد سياسات الإرجاع والفترات الزمنية بناءً على نوع المنتج، سواء كان منتج ملموس أو منتج إلكتروني أو كان المنتج في صورة تقديم خدمة.
بالرغم من قلة الدراسات التي اهتمت بدراسة العلاقة بين وجود سياسة استبدال فاعلة و ثقة المستهلك في ممارسة التجارة الإلكترونية، إلا أنه يمكن استنتاج ذلك من فرض الدول المتقدمة لهذه السياسات وأثرها الإيجابي على ممارسة التجارة الإلكترونية، كدول الإتحاد الأوربي على سبيل المثال.
على المستوى المحلي، وفقاً لدراسة استطلاعية حديثة، أبدى أكثر من ٧٠٪ من عينة الدراسة عدم رضاهم عن فعالية سياسة الاستبدال والإرجاع المعمول بها حالياً لحماية مستهلك التجارة الالكترونية، مما يشير إلى أنه قد حان الوقت ليكون هناك تنظيم خاص بحماية مستهلك التجارة الالكترونية، مشتملاً على سياسة فاعلة تساهم في تعزيز ثقة المستهلك و النهوض بالتجارة الالكترونية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال