الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من الموضوعية القول بأن أغلب الشركات التشغيلية المحلية في القطاع الصحي ليست قادرة على استيعاب كل المشاريع الصحية والطبية التي تطمح القطاعات الحكوميه لخصخصتها لا من ناحية تقنية و لا حتى من ناحية ملاءة مالية, ولعل هذه الحقيقة هي ما تدفع بعض الجهات الحكومية لطلب وجود شريك أجنبي ومشغل (عالمي) في المشاريع الحيوية وبرامج الخصخصة.
و لا شك بأن ذلك طلب متعارف عليه ومستساغ في كثير من الدول التنموية والتي تتبنى مشاريع الخصخصة ولكن التحدي الحقيقي هو: ماذا بعد تلك الشركات وأخذها للعقود؟
القطاع الصحي مختلف تماما عن القطاعات الأخرى ومن النادر وجود قصص نجاح لشركات أجنبية تدير مستشفيات في دولة ما وخصوصا في ما يتعلق بنقل المعرفة والتوطين وذلك لعدة أسباب لعلي اختزلها ببعض النقاط لمَ له علاقة بالمملكة العربية السعودية:
-أحد تلك الأسباب هو عدم وجود آلية توطين واضحة تكون على صيغة تعاقدية ومرتبطة بالإلتزام بدفعات العقد التشغيلية أو دفعات تقديم الخدمات الطبية، ومفهوم السعودة الذي تتبناه وزارة العمل و بعض الجهات الأخرى هو مختلف تماما عن نقل المعرفة و التوطين لا من الناحية الإستراتيجية أو التنفيذية أو حتى التقنيه. وفي الحقيقة أرى التوطين ونقل المعرفة أدوات بناء أما السعودة بطريقتها الحالية مجرد عقبة.
-الأمر الآخر هو ضعف الشريك المحلي و للأسف أغلب من يمثل الشركات الأجنبية هم مجرد وسطاء تهمهم النسبة التي يحصلون عليها من العقود أو نسبة التملك من الهيئة العامه للإستثمار مما يقلل نسبة نجاح التوطين والديمومة لنقل المعرفة. ولو لي من الأمر شيء لوضعت شروط على الشريك المحلي للشركات الأجنبية ليكون أداة نقل معرفة وذلك من خلال التحقق من خلفيته ومؤهلاته. وبالطبع هنا أتكلم عن الشركات التي تأخذ عقود حكومية وليس من القطاع الخاص, لأن الموضوع مختلف في الحالتين.
-قليل من الشركات التشغيلية تستطيع التعامل مع متطلبات المجتمع و تتكيف مع متطلباته بسهوله , وهذا الأمر حساس و حجر زاوية في القطاع الصحي. ولعل أنسب الحلول هو أن تتبنى بعض الجهات مثل مكاتب تحقيق الرؤية و الهيئة العامه للإستثمار برامج تكييف و توعية للشركات الأجنبية حتى يكون بمقدورها وضع استراتيجيات توطين المعرفة وتقليل مخاطر فشل الخطط التشغيلية للمشاريع الصحية.
وهناك أسباب أخرى كثيرة أغلبها لها علاقه بالوضع العام للأنظمة وتوزيع المخاطر وغيرها من الأسباب ولكن ما ذكرته هنا وأود أن أركز عليه هو أن الإحتياج للشركات الأجنبية وخصوصا ذات الخبرة والمعرفة مهم جدا في هذه المرحلة ولكن لا بد من وجود خطة واضحة وتفصيلية وصيغ تعاقدية لمعرفة كيفية التعامل معها لتحقيق التوطين ونقل المعرفة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال