الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بتعيين معالي المهندس أحمد بن سليمان الراجحي وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية يكون معاليه الوزير الثالث الذي يتولى حقيبة العمل منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 ، وقد اجتهدا الوزيران السابقان للعمل، خصوصا معالي الدكتور علي الغفيص (جزاه الله خيرا)، في العمل بجد لإصلاح المشاكل المتوارثة في الوزارة، لاسيما في السنوات التي سبقت توليهما منصبيهما والمشاكل المتراكمة من قبل .
فتم إغراء الشركات بدعم جزء من راتب العامل السعودي وتسهيل إجراءات (الاستقدام) ، وتسهيل كثير من الإجراءات في الجهات الحكومية ، في سبيل (تكرمهم) بتوظيف شاب سعودي . والشباب تم إغراءهم بالدعم المالي قبل التوظيف بحافز ، وبالتدريب المجاني، ودعم راتبه بنسبة كبيرة في أول سنة ، ودعم استمراره في العمل براتبين . كما استعانت الوزارة عبر صندوق الموارد البشرية بشركات للتوظيف ، ودعمتها بمبالغ (لا أحد يعلم حجمها) لمساعدتها في تسريع عملية التوظيف .
كما قامت الوزارة بسن القوانين الصارمة لفرض السعودة ، من خلال برنامج نطاقات ، الذي يصنف الشركات حسب نسبة العمالة السعودية التي تعمل لديها ، بداية من الأحمر الذي ليس لديها عامل سعودي واحد ، إلى البلاتيني التي لديها ثلثي نسبة التوطين المطلوبة، ووضع الكثير من الحوافز و العقوبات لتلك الشركات حسب النطاق الذي تقع فيه .
وأوجدت الوزارة برنامج التوطين الموازي ، والذي بموجبه تدفع الشركة غير الملتزمة بنسبة السعودية المطلوبة مبلغ مالي عن كل عامل سعودي ناقص من النسبة ، بهدف تسهيل أمورها حتى تجد العامل السعودي المناسب لتوظيفه ، وللاستفاد من ذلك المبلغ في دعم برامج التوطين. كما فرضت الوزارة السعودة على عدد من القطاعات التجارية كالاتصالات ، ومحال الذهب ، ومنافذ تأجير السيارات و غيرها. وفرضت سعودة بعض الوظائف الأساسية في جميع الشركات كمدير الموادر البشرية ، مدير شؤون عمل وعمال ، موظف الاستقبال، وغيرها ، ليصل بذلك عدد المهن المقصورة على السعوديين في النظامين إلى 19 مهنة .
وتبنت الوزارة العديد من برامج التدريب منها البسيطة التي تقدمها شركات التوظيف ، ومنها عالية الجودة على رأس العمل وبرنامج الشهادات الإحترافية في بعض المجالات المهمة والمطلوبة ومنها التدريب الصيفي ، وتدريب طلاب الجامعات . كل ذلك غير الحملات الإعلامية لحث الشباب على العمل ، وحث الشركات على قبول العامل السعودي ، مع مئات اللقاءات للتوظيف في جميع مناطق المملكة .
كل تلك الجهود المشكورة حققت بعض النجاح كما قلنا ، لكنها في الواقع لم تؤثر في نسبة البطالة التي مازالت عالية جدا ، ولم تتزحزح عن 12.8٪ ، واحتكار العمالة الوافدة لسوق العمل مازال قائما، ولجميع القطاعات الاقتصادية ، أي أن كل تلك البرامج والقرارات والأنظمة لم تحقق أحد أهم أهداف الرؤية ، وهو خفض البطالة للوصول إلى 7٪ كحد أعلى بنهاية 2030 . بل إن البطالة كما يبدو تتجه للزيادة ، من خلال أعداد المسرحين من أعمالهم مقابل الموظفين، ومن خلال أعداد الخريجين الذي يتجهون للسوق كل عام ، ولأن الحلول ركزت على الوظائف الدنيا ولم تهتم للوظائف العليا والمتخصصة ذات المهارة العالية والأجور العالية .
التركة التي جاء لحملها معالي المهندس أحمد كبيرة جدا ، وصعبة ومحل نظر الجميع ومتابعتهم ، وفشلت معها كل الحلول التقليدية السابقة ، والكل يتطلع لمعاليه ماذا لديكم من حلول ؟ لمشاكل تركها ثلاثة وزراء دون حلول فاعلة .
ثقتي في معاليه كبيرة جدا لثلاثة أسباب : أولها أنه من أسرة اقتصادية عريقة ، لها تاريخ كبير من النجاح الإداري والتجاري وذلك الإرث الأسري له أثر في شخصيته الإدارية بكل تأكيد. وثانيا: أنه رأس مجلس الغرف السعودية ، وشارك في عضوية عدد من المجالس المهتمة بالشأن الاقتصادي ، وتلك المناصب قربته كثيرا من مشاكل سوق العمل ، وعرفها بعمق من جانب رجال الأعمال ، وبحكم عمله في رئاسة عدد من الشركات العائلية . وأخيرا أنه كان عضوا في لجنة خاصة عملت لأشهر على بحث مشاكل سوق العمل وإيجاد الحلول المناسب لها ، ضمن فريق عمل قوي . كل تلك الأسباب تجعل الثقة في معاليه كبيرة، والآمال المعقودة عليه عالية .
وأتمنى على معاليه ، ألا يعود من الصفر كما يحدث في حالات كثيرة، فما تم إنجازه رائع رغم ضعف نتائجه حتى الأن ، إلا أن المتوقع أن يتحسن الحال بتحسن الأوضاع الاقتصادية ، وأن يبحث في حلول غير تقليدية لعلاج توطين المهن العالية المهارة والأجر والمنصب ، فتلك تم إغفالها تماما في كل الحلول السابقة ولابد أن يكون لها الأولوية في الخطط القادمة .
وبرأيي أن من أهم وأول ما يجب أن يُعمل هو إعادة الثقة في وزارة العمل ، وذراعها الرئيسي في التوطين صندوق الموارد البشرية ، لدى القطاع الخاص، والشباب السعودي طالب العمل ، فخلال السنوات السابقة تداعت الثقة فيهما ، وتلاشت الثقة تماما فيما بين القطاع الخاص والشباب .
ما لم يصبح القطاع الخاص مغريا للشباب بقدر القطاع الحكومي أو أكثر ، فستعاني وزارة العمل والقطاعات الأخرى ذات العلاقة ،من عزوف الشباب عن العمل فيه ، وبالتالي قد تفشل كل البرامج لاسمح الله ، فهل تنجح الوزارة في هذا التحدي ؟
أخيرا نسأل الله لمعاليه التوفيق في مهمته الشاقة ، والضرورية لنجاح رؤية 2030 .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال