الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الوقف ثقافة وممارسة متجذرة في منطقة الحجاز، وعلى نحو آكد في المدينة المنورة، وهي المدينة التي احتضنت أولى تطبيقات الوقف الإسلامي في صدر الإسلام على يد النبي –صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه -رضوان الله عليهم-، حتى ورد أنه لم يكن أحد من الصحابة ذو مقدرة إلا وحبس، وهو ما تتابعت عليه الأجيال حتى العهد الزاهر.
ونظراً لكثرة الأوقاف في المدينة المنورة، استحدثت دوائر خاصة في المحاكم لخدمة الأوقاف، وفي عام 1437ه استحدث أول مكتب استشاري داخل المحاكم الشرعية، خصص لخدمة الواقفين وتقديم الاستشارات، كان لي شرف العمل به في عامه الأول؛ مما أتاح الاطلاع على عدد كبير من الوثائق الوقفية المعدة قديماً وحديثاً.
وبالتأمل فيها، لحظت الكثير من جوانب التميز والابتكار، سواء في أساليب إدارة الوقف، أو مجالات صرفه، وتوظيف لمؤسسة الوقف في أدوار شمولية رائدة، تجاوزت المجالات الدينية والإغاثية والتنموية، وصولاً إلى إسهام الوقف في تقوية أواصر الصلة والترابط والمحبة بين أفراد المجتمع، وإدخال البهجة والسرور على نفوسهم.
ولأننا نعيش في ايام عيد الفطر المبارك وأعين البراعم والأشبال تتشوف وتتجه إلى “العيديات” التي يقدمها الكبار؛ امتثلاً لحث الشارع الكريم بالتوسعة على الأهل والأقارب في الأعياد، يمكن التساؤل: هل يمكن تقديم “العيدية” من خلال الوقف؟ وهل ثمة نموذج يمكن الاستشهاد به؟
من جملة الوثائق الوقفية التي اطلعت عليها، وثيقة تضمنت في جانب من بنود الصرف، ما يلي:
1. تخصص مبالغ سنوية لمعايدة أطفال آل … في عيد الفطر المبارك، والأطفال هم من كان دون سن الخامسة عشر من عمره، وتسمى العيدية بعيدية جدي محمد وجدتي عائشة -رحمهما الله-.
2. كما تعمل وليمة لآل … وأصهارهم في أحد العيدين، أو في أي زمان يرونه مناسباً لصلة الرحم، ولا يشترط أن يكون في كل عام، وأن يكون في اجتماعهم ذكر الله عزوجل، والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والدعاء لموتاهم، والتعارف فيما بينهم، ويشترط عدم الإسراف في تلك الولائم.
ومن هنا تتجلى إرادة الواقف في بقاء أواصر المحبة والتواصل والتراحم باقية في ذريته، ومن خلال “العيدية” السنوية والمسماة باسم الواقف وزوجه، أراد أن يبقى ذكر الأجداد خالداً في الأجيال المتعاقبة؛ لتلهج النفوس الطاهرة النقية، بالدعاء لمن كان سبباً في إسعادهم.
ختاماً، تتلقى الأوساط ذات الاهتمام بالقطاع الوقفي في المملكة العربية السعودية، انطلاقة برامج الهيئة العامة للأوقاف مؤخرا، وفي مقدمتها الصناديق الاستثمارية الوقفية، بكل سعادة واهتمام ومؤازرة ودعاء بأن يوفق الله القائمين على هيئة الأوقاف لتحقيق أهدافها، وفي ظل الرؤية الطموحة للسعودية 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال