الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الوساطة أو السمسرة Brokering هي من أكبر الأعمال من حيث “ضخامة” صافي الربح Net Profit في العالم أجمع، حيث يمكن لأي شركة محلية مهما كان حجمها أن تكون واجهة لشركات كبرى عالمية لتأخذ عمولتها من صافي الربح، وتثبيت هذه العمولة لسنوات طويلة، مع وجود حلقة ربط “أشخاص” بين الشركة العالمية والوسيط وطبعاً يحصل هؤلاء الأشخاص “الأذكياء” على جزء من الكعكة والتي لا يدفع ثمنها إلا المواطن أو المقيم العادي إضافة إلى الإقتصاد الوطني، وعندما نأخذ السعودية كمثال معاصر، نجد أن النظام الذي كان يقضي بتملك الشركات الأجنبية لنسبة معينة ورغبة التاجر “الوسيط” السعودي في رفع نسبة ربحه سنوياً، يؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى رفع أسعار السلع والخدمات التي تقدمها هذه الشركات بمعدلات تزيد كثيراً عن الأسعار المقدمة في البلد الأم سواءً كانت الولايات المتحدة أوالإتحاد الأوروبي ذلك على الرغم من أن أسعارهم تتضمن نسب ضرائب عالية.
شيطنة الوسطاء ليس هو الهدف من هذا الطرح، فالتعميم أسلوب الجاهل، ولكن المحصلة والعامل المشترك بين أغلب هذه الشركات “الوسيطة” هي أسعار فلكية للسلع والخدمات مقارنة ببقية العالم وهناك دراسات مقارنة أسعار تثبت ذلك، وخصوصاً في قطاعات هامة مثل شركات الأدوية أو الأجهزة الإلكترونية واللوجستيات وغيرها، وهذا يثبت لنا بالدليل القاطع أنه كان هناك خلل يتوجب على الدولة التدخل لإصلاحه، وإصلاحه طبعاً سيأخذ من الأغنياء “الوسطاء” ليعطي المواطن العادي، وذلك من خلال تخفيض أسعار السلع والخدمات وتوافقها مع الأسعار العالمية في البلد الأم لهذه الشركات، وتتراوح النسب المتوقع تخفيضها ما بين 10% في بعض الأجهزة إلى 75% في بعض الأدوية.
الإتفاقيات الأخيرة والتي تم بموجبها منح الشركات الأمريكية وبعض الشركات العالمية الأخرى الحق في تملك فروع شركاتهم داخل المملكة بنسبة 100% سيقلل على المدى المتوسط من عدد الأثرياء في المملكة، وهذا جانب صحي جداً في مرحلة مابعد النفط، ولكنه أيضاً سيزيد من نسبة سعودة الموظفين التنفيذيين بهذه الشركات، سيكون بعضهم من الأكفاء في العوائل التي كانت تمتلك النسب “سابقاً” والبعض الأخر سيكون من الكفاءات السعودية الموجودة في السوق من خريجي الجامعات السعودية وبرامج الابتعاث الخارجي.
الجدير بالذكر هنا، أن السبب الرئيس في توجَه الوسيط السعودي في السابق لتعيين تنفيذيين أجانب بشركاته خصوصاً في الإدارات المالية والإدارة العليا هو رغبته في “تقفيل” الميزانيات السابقة وإعداد الموازنات القادمة والسيطرة على الأوراق وأسرار الشركة وتصرفاتها سواءً كانت نظامية أو غير نظامية، بشكل يكفل له إستمرارية في السوق دون أن يواجه أي مشاكل سواءً مع الدولة ممثلة في وزارة التجارة أو مع الشركة العالمية، وبنفس الوقت أن يحصل على أكبر قدر من الربح سواءً من خلال رفع رواتب التنفيذيين أو من خلال تعيين مستشارين بأرقام فلكية لتحريك الأموال كمصروفات، أو من خلال أمور أخرى لا يتسع المجال لذكرها هنا.
المحصلة، أن قرار تملك الشركات الأجنبية بنسبة 100% هو قرار حكيم مبني على تقصي وإستقراء معرفي ناجح لما يتم في أروقة شركات الوسطاء، سيساهم القرار في تخفيض الأسعار ورفع مستوى الخدمة، وزيادة عدد التنفيذين السعوديين في الشركات، وبذلك سينتهي عصر أثرياء الوساطة ويبدأ عصر الصناع والتجار المجتهدين نحو جودة الخدمة والسلعة بأسعار متوافقة مع دول العالم، وينتج عنها بالتالي ثروات معقولة، وبيئة تجارية “نظيفة” جاذبة للإستثمارات العالمية، وكل هذا للتجهيز لمرحلة مابعد النفط القادمة لا محالة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال