الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بناء المجتمعات يحتاج الى تعليم مزود بأفضل وسائل ابتكارية موظفة في التخصصات الجامعية بطرق مميزة من اجل بناء اوطان تحتضن شعوب متعلمة قادرة على مواكبة التطورات والتقلبات في سوق العمل. وعلى سبيل المثال يتم تسليط الضوء على تخصص المحاسبة لأنه من التخصصات المميزة في القطاع التعليم والذي حظي بالاهتمام الكبير من قبل الجامعات واعتمدوا بتطويره على ما يتطلبه سوق العمل من متغيرات وتم التركيز على تخريج طالب يحمل شهادة محاسبة تؤهل للانخراط في سوق العمل. وهنا الطالب يشعر بالثقة داخل الفصل الدراسي بأن ما يتعلمه سوف يؤمن له مستقبل وظيفي براتب مميز، لكن ماذا حدث لطالب قسم المحاسبة بعد انتشار الذكاء الاصطناعي ؟ وهل فعلا سوف تندثر مهنة المحاسبة ؟
ظهور الذكاء الاصطناعي
في البداية ما هو الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence) هو مصطلح تم تداوله في مجتمعات الاعمال الاقتصادية وهو يعني ببساطة بأن الروبوتات المطوره سوف تحل محل العديد من الوظائف المنجزة من قبل البشر بالإضافة الى ان الروبوتات قادرة على أداء نفس المهام البسيطة والروتينية التي يقوم فيها البشر بشكل أسرع وأكثر دقة. ووفقا لما تم نشره من تقارير من مختلف الشركات و الجامعات العالمية والتي توضح المهن التي سوف تستولي عليها و تستبدلها الآلات المطورة خلال الـ 20 سنة القادمة بسبب ان هذه المهنة روتينية ولا تحتاج الى مهارات عالية. صرحت بذلك جامعة ((Oxford بأن المهنة المشغورة بالمحاسبيين والمراجعون معرضة للاختفاء بنسبة 95%.
وبالفعل تم تطبيق الذكاء الاصطناعي في بداية الامر في الشركات الاربعة الكبرى the Big Four) ) لتقليل الوقت الذي يقضيه المحاسبيين والمراجعون في علميات التدقيق والمراجعة وتقدير الاصول وفي الوقت الراهن اصبحت جميع الشركات بما فيها الشركات صغيرة الحجم تستخدم الاجهزة المطورة من اجل تقليل التكاليف والوقت في تنفيذ العمل.
فالنتيجة مثل هذه التقارير التي تنشر باستمرار و يقرأها الطلاب المتخصصين في مجال المحاسبة باستمرار تزيد من مخاوفهم المستقبلية بلا شك اتجاه مصيرهم الوظيفي وتثير تساؤلات عديدة مثل هل سوف يكون هناك فرص وظيفية في المستقبل؟ او من المحتمل لا يوجد ما يسمى بتخصص المحاسبة مستقبلا ؟. وهذه التساؤلات في واقع الامر تعتبر من احدى مزايا الانسان فهو يمتلك الاحساس والتفكير ومن الطبيعي ان يحلل ما سوف يكون مصير مهنته في الايام القادمة.
في حقيقة الامر لو اطلنا النظر الى بعض المهام التي يقوم بها المحاسبيين مثل ادخال البيانات ومسك الدفاتر سنجدها اعمال روتينة بسيطة فحتما سيتم الاستيلاء عليها من قبل اجهزة الحاسوب المطورة اما لو نظرنا بأكثر عمق على الجانب الاخر من مهنة المحاسبة ومهنة مراجعة الحسابات سنجدها لست عمليات روتينية بل على العكس مهن تحتاج الى مهارات عالية اكثر من ادخال البيانات ليعطي جهاز الكمبيوتر بناء عليها قرارات.
فهي مهن تتطلب مهارات مثل التخطيط المالي، والتحليل واتخاذ القرارات السليمة ذو التأثير الايجابي وتقديم المشورة للعملاء لذلك سيكون الطلب عليها مرتفع في المستقبل حتى في وجود مثل هذه التقنيات الحديثة وهنا ربما يشعر الطالب المتخصص بشعور الرضا عن مجال تخصصه.
ما اود ان اسلط الضوء عليه ان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التطبيقات المحاسبية مستمر ويحقق نتائج ايجابية تفوق قدرة البشر ومع ذلك لا توجد في المناهج المحاسبية التي تدرس في الجامعات الية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي. فيجب على اعضاء هيئة التدريس في قسم المحاسبة تهيئة بيئة تعليمية داخل الفصل الدراسي من خلال دمج مواضيع الذكاء الصناعي واحتواءها ضمن المناهج المحاسبة لتساعد على فتح آفاق معرفية امام الطلاب وتهيئتهم لصبحوا اكثر اطلاع على طرق التحليلات العميقة للمعلومات المحاسبية ومواجهة التغيرات التكنولوجية ليس سهلا، ومع ذلك يوجد بعض الطرق التي من الممكن ان يستخدمها الاكاديميون في تدريب طلابهم مثلا استخدام حالات دراسية تساعد الطالب ان يقدم مشورة للعميل باستخدام احد برامج الذكاء الاصطناعي وبذلك يكون الطالب تعلم مهارات التفكير الناقد، او ربما من الممكن ايضا اعطاء الطالب مواضيع بحثية عن استخدام الذكاء الصناعي في المحاسبة من اجل ان يبحث المتعلم بشكل موسع عن فوائد الذكاء الصناعي وكيف يمكن ان يستغله في صالح مستقبله؟.
وأفضل ما يشار اليه هو اخذ الطالب جولات ميدانية الى شركات محاسبية كبرى فهذه الجولات سوف تساعد الطالب على تدوين ما يشاهده داخل الشركة والية العمل وبالإضافة الى انها فرصه للطالب ان يتمكن الحديث مع المهنيين المحاسبيين في الشركة والاستفادة من خبرتهم.
تلخيص لما تم كتابته ان دور المعلم مهم في العملية التدريسية لكن ليس بأهمية ودور الجامعات لذلك اهم نقطة اشير اليها هو ان واجب الجامعات ومن خلال المتخصصين في المجال المحاسبة والمؤهلين على التغير في الخطط الدراسية الخاصة بقسم المحاسبة ان تسعى لطرح وابتكار برامج جديدة في اقسام المحاسبة وتدريب الطلاب عليها وهم على مقاعد الدراسة ليسهل عليهم مواجهة الذكاء الصناعي في مكان عملهم مستقبلا وعدم الاعتماد فقط على متطلبات سوق العمل في تحسين مهارات الخريجين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال