الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تطرّقت مجلة فوربس إلى مقال حمل رسائل مشبوهة في طيّاته، حيث يُشير إلى حاجة صندوق الاستثمارات العامة لسيولة اضافية وأنها المحرك الأساسي لصفقة استحواذ “ارامكو” لحصة في “سابك” (التي يمتلك الصندوق 70% منها).
وعلى اختلاف التفسيرات التي أُطلقت للهدف الأساسي من استحواذ ارامكو على حصة استراتيجيه في سابك ، فإن التحليل الأساسي الذي يغيب عن كثير من المحلّلين الاقتصاديين خاصّة من هم خارج المملكة، ان الرؤية وُضعت لتُنفّذ عند اسعار نفط منخفضة وللوقاية من التقلّبات الحادّة في الأسعار ، هذا النظرة الحكيمة التي اكّد عليها ولي العهد شخصيا اثناء مقابلاته التلفزيونية تؤكّد بأنّه لاتوجد لدى المملكة ازمة سيولة ماليه لتحقيق اهداف الرؤية.
وبغض النظر عن حاجة الصندوق من عدمها واذا كان الغرض استفادة الصندوق او إذا كانت إعادة توزيع أصول من هنا إلى هنا تحت نفس المظلّة، فإن النقاش عن تعزيز سيولة الصندوق في الوقت الحالي عند مستويات الأسعار الحالية فوق السبعين دولار غير منطقي بتاتاً، لأن استثمارات المملكة في مشاريع المنبع والمصب استمرت حتى عند تدنّي الأسعار دون الثلاثين دولار عام 2016.
مقالة مجلة الفوربس التي تصف عملية الإستحواذ بالغرابة، ناقشت ان ثمن هذه الصفقة كبيراً بما يُوفّي احتياجات الصندوق والذي هو ذراع رؤية 2030 الإستثماري ويحتاج الى رؤوس أموال قد تُعوّض السيولة التي كان سيُوفرها طرح ارامكو للإكتتاب، وبذلك قد لا تكون هناك حاجة لطرح ارامكو للإكتتاب في المستقبل القريب!
وتظل الغرابة في تبنّي هذا الطرح من مجلة فوربس في وقت يُحاول الإعلام النفطي الغربي والذي يجري خلف طرح ارامكو ويُجحف في تقييمها، ويستمر بمحاولات مُستميته بالضّغط وطرح التساؤلات عن موعد طرح ارامكو او اعادة النظر فيها، ونسي ان رؤية المملكة تُقيّم وتُراجع جميع القرارات ضمن التصحيح الاقتصادي الذي تمر به المملكة.
ولقد رأينا الإستثمارات العملاقة في مشاريع المنبع والمصب والتي افتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 2016، اثناء فترة هُبوط الأسعار بالرّغم من الأجواء التشاؤمية التي رافقت تلك الفترة عن مستقبل أسواق النفط.
فما بالك بمن يتحدث عن ازمة سيوله والنفط ارتفعت اسعاره قُرابة الضعف عن وقت انطلاق الرؤيه. التواريخ والفترات الزمنية التي حددتها الرؤية اثناء انطلاقها ومنها تاريخ طرح ارامكو او برنامج التوازن المالي ، ليست ثابته بل أن من صميم مباديء الرؤية المكتوبة هو المُراجعة المرحلية للخطط وإعادة تصحيحها لتحقيق الأهداف الثابتة، وهي مرونة مهمّة جداً تغيب عن المحللين الخارجين ويعتبرونها تَراجُعاً، وهي في الاساس نصوص مكتوبة من الأساس.
سياسات ارامكو الإعلامية تحتاج إلى إعادة نظر، لأنها أوجدت فراغاً لم تستطع من خلاله مواكبة شفافية رؤية 2030، مما أعطى الإعلام النفطي الغربي مجالاً لكي يصطاد في الماء العكر بضخ تحليلات سلبية، لتأتي مجلة فوربس وغيرها بتفسير غير دقيق لشراكة ارامكو وسابك الإستراتيجية وارجاع السبب الرئيسي لصفقة إستحواذ ارامكو على حصة في سابك لحاجة صندوق الإستثمارات العامه للسيوله!
صندوق الإستثمارات العامه وشركة ارامكو جميعهما تمتلكهما الدوله بالكامل، وليس من المنطق انتقال السيولة من مكان الى آخر لنفس المالك بأن يُفسّر على انه دعم لصندوق الاستثمارات العامه. ومن المُلفت للنظر أن كل ما كُتب كان نظرياً ولم يُناقش جوهر هذه الشراكة والذي يتمحور في التالي:
1) تطلّع ارامكو المستمر للنمو في قطاع التكرير والبتروكيميائيات الذين يمثلان الدور المحوري للإيرادات غير النفطية، من أجل مستقبل اقتصادي متنوع ومُستدام.
2) المشاريع المتكاملة للتكرير والبتروكيماويات تُعطي فرص اكبر للتحسين الهيدروكربوني، وتحسين الربحية، وسيساعد على تنويع الاقتصاد السعودي دون الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
3) استحواذ أرامكو السعودية على حصص في المصانع البتروكيماوية يأتي ضمن خطتها الإستراتيجية الطموحة لتصبح شركة عالمية رائدة ومتكاملة في الطاقة والكيميائيات، مما سيعزز الإيرادات الغير نفطية، محور رؤية المملكة 2030.
4) زيادة قدرة ارامكو وسابك ومواردهما لإيجاد فُرص عمل أكبر، إضافة إلى أن قطاع الكيميائيات النامي في المملكة يوفّر الكثير من الوظائف المباشرة وغير المباشرة، لا سيما أن قطاع التكرير والبتروكيميائيات يُعد من القطاعات الاقتصادية غير الحكومية الذي تضم أعلى نسبة من الموظفين السعوديين.
5) استحواذ أرامكو على حصة من سابك يأتي ضمن خطوات الإصلاح والتطوير، وسوف يتمخض عنها بإذن الله تجيسد الصناعات التحويلية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال