الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المنتجات التمويلية كانت هي المنتجات الأعلى قيمة والأكثر إستدامة في السوق السعودي سواءً لصالح البنوك أو شركات التمويل، وكان سبب ذلك “مع الأسف” عدم توفر الوعي المالي الكافي لدى العملاء من ناحية حساب تكاليف حياته أو كيفية استخدام المنتج التمويلي، حيث كان البعض حتى وقت قريب يقترض مع فترة سداد تصل إلى خمسة سنوات ليستخدم المال في رحلة سياحية مدتها شهر أو أقل، إضافة لذلك كان للقوة الناعمة للبنوك سواءً في أوساط الصحافة أو غيرها من عوامل التأثير الأخرى مثل تسويق منتجات مدروسة بحيث تستوفي الشروط الدينية وذلك من خلال لجنة شرعية تابعة للبنك.
نتج عن كل ذلك رواتب مستقطعة بنسب عالية وتراكم قروض على الأفراد بالملايين مع عدم مقدرتهم على السداد سواءً مع غلاء المعيشة تصاعدياً أو خروج الآلاف من سوق العمل بسبب إغلاق بعض الشركات أو إنخفاض مبيعاتها وإغلاق فروعها وبالتالي تصفية الموظفين بها وتحولهم من موسرين إلى معسرين متهربين من سداد المستحق عليهم للبنوك وشركات التمويل.
تزامن تراكم هذه القروض وبدء تعذر سدادها مع تأسيس أنظمة حكومية “عدلية” صارمة وسريعة على كل متأخر في سداد المستحقات إبتداءً من الشيكات إلى سند لأمر أو الكمبيالات وغيرها، وهذا أدى لتزايد ظهور مصطلح “إيقاف الخدمات” في المجتمع وهو الأمر الصادر من محكمة التنفيذ والذي يتدرج من منع السفر إلى إيقاف كافة الخدمات الحكومية والبنكية وبالتالي ضبط وإحضار الموقوف لإلزامه بالسداد.
ومن المنطقي أن هذه “الصرامة” أدت تدريجياً بالمنتجات البنكية إلى الكساد، وهو ما بدأنا نلاحظه من تخفيض أعداد موظفي إدارات المبيعات بالبنوك وشركات التمويل وصولاً إلى إقفال إدارات مبيعات بكاملها في بعض المناطق وإنهاء خدمات جميع موظفيها، وذلك لإتضاح الصورة أمام الإدارات العليا من عدم وجود تحسن بنتائج المبيعات في المدى القريب والمتوسط وذلك بسبب ارتفاع الوعي الناتج عن ملاحظة نتائج الحصول على المنتجات التمويلية لدى أقرب المقربين، فالإبن لن يسعى لمنتج تسبب في سجن والده مثلا.
ثم كان دور الدولة بالنظام الصادر مؤخراً عن وزارة العدل والناتج عن قاعدة معرفية سليمة مبنية على إحصائيات أعداد الموقوفة خدماتهم “المهولة” وذلك بمعالجة الأمر كـ”ذنب عام” من خلال مساعدة المذنبين بتقسيط المديونيات بما يتناسب مع دخل المديون مع عدم إيقاف خدماته إلا في حال التهرب الكامل من السداد، وبطبيعة الحال سيساعد هذا القرار الألاف على إستعادة حياتهم التي ذهبت في بحر المنتجات التمويلية.
ومن ناحية أخرى قامت مؤسسة النقد بدراسة وإصدار نظام للتشجيع على “التمويل المسؤول” وكلمة المسؤول هنا معناها الإحتياجات الفعلية للعملاء من الضروريات بدلاً من الكماليات، ومن تمويل الأصول والمساكن بدلاً من المنتجات الإستهلاكية، وبطبيعة الحال لن يمنع النظام وجود أنواع التمويل الأخرى ولكن ما سيحدث أن التشريعات الجديدة ستيسر الطريق للمنتج التمويلي “المسؤول” وستصعب الطريق للمنتج “الغير مسؤول” وبذلك يساعد النظام العميل على التفكير الراشد في إستثمار مقدراته أو راتبه في الإتجاه الصحيح والنجاح في الوصول إلى فرد مسؤول سيصنع عائلة مسؤولة وبالتالي سنرى تأثير ذلك إيجاباً على الاقتصاد الوطني وسيساهم ذلك في تحقيق أهداف برنامج التوازن المالي 2020 الذي تم تمديده الى 2023.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال