3666 144 055
[email protected]
تسعى المملكة العربية السعودية الْيَوْمَ إلى اقتناص الفرص الاقتصادية العظيمة، والاستثمار فيها بثقة وقوة من أجل تنويع الاقتصاد السعودي في المستقبل. وفي الوقت ذاته، سيستمر الدعم الحكومي بشكل متوازٍ لتعزيز وتطوير البنى التحتية لكافة مدن المملكة وضواحيها.
“نيوم” التي استقبلت خادم الحرمين الشريفين ليتحول الحلم إلى حقيقة تبدأ من حيث انتهى حلم الآخرون، تعد ثورة تقنية واقتصادية ومعرفية أعدت للحلم والطموح والمستقبل و ستقود المملكة للدخول إلى عالم الذكاء الصناعي، وستحقق مكتسبات اقتصادية كبيرة. إن تطوير وبناء مشروع نيوم يوفر فرصة استثنائية للحد من تسرب الناتج المحلي الإجمالي، وذلك عبر إتاحة فرصة الاستثمار داخل المملكة لكل من يستثمر أمواله في الخارج، وبالتالي تقليل التسرب المالي نتيجة قلة الفرص الاستثمارية الضخمة.
مدينة نيوم ستكون مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة على أن يكون للمدينة هيئتها التنظمية الخاصة مهمتها الأساسية هي توفير القوانين الاستثمارية الأفضل لتطوير القطاعات الاقتصادية المستهدفة، وسيوفر مشروع نيوم فرصاً جديدة للاستثمار في قطاعات تم إنشاؤها من الصفر، إضافة إلى استفادة المستثمرين في المشروع من الموارد الطبيعية، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، يضاف إلى ذلك، أن المشروع سيسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، كما سيعيد توجيه بعض من تسرب الإنفاق للخارج إلى اقتصاد المملكة.
عند طرح مدينة نيوم للاكتتاب العام ستكون مصدر سيولة لصندوق الاستثمارات العامة حيث ستطرح مدينة نيوم في الأسواق المالية بجانب شركة “أرامكو” السعودية، مما سيوفر سيولة كبيرة لصندوق الاستثمارات العامة تتيح له إعادة استثمارها مره أخرى، كما ان مشروع نيوم كقيمة استثمارية تتجاوز 1 تريليون وَ 875 مليار ريال سعودي مما يعد قفزة كبيرة في الناتج المحلي السعودي، وذلك يعتبر لمسة عبقرية على الفكرة الإبداعية لمشروع نيوم حيث انه يحقق الكثير من الأهداف الاقتصادية بمشروع واحد، ستصبح “نيوم” محور جذب لرواد الاستثمار المبتكر والجريء من العالم كله مما سيساهم بشكل مباشر في ارتفاع الناتج المحلي السعودي بشكل ملحوظ.
“نيوم” مميزة جغرافياً، فهي تقع على مساحة 26.5 ألف كيلومتر مربع أي ما يقرب من مساحة “دولة بلجيكا” وأكثر ما يميز هذه المدينة هو موقعها الاستراتيجي الذي يمكنها من أن تلعب دور حلقة الوصل بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، إذ يمكن لـ70% من سكان العالم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى، انّ مشروع استراتيجي كمشروع نيوم يحتاج إلى بنية تحتية صلبة تتمثل في التشييد والبناء، وبنية تحتية ناعمة تجسدها الأنظمة والقوانين، وبنية تحتية تقنية تتمثل في محاكاة المستقبل. كما أن لها هيئتها التنظيمية الخاصة، مع إطار تنظيمي مصمم خصيصاً لتوفير القوانين الاستثمارية المُثلى ضمن فئتها، إضافة إلى دعم سبل العيش لساكنيها، وتطوير القطاعات الاقتصادية المستهدفة. وهيئة قضائية خاصة لحل النزاعات ضمن الإطار التنظيمي لـ المنطقة الخاصة كما ستخضع هذه المنطقة الخاصة إلى أنظمة وتشريعات مستقلة وفق أفضل الممارسات العالمية التي تُصاغ من قِبل المستثمرين ومن أجل المستثمرين، إذ سيكون المشروع مستقلاً عن أنظمة المملكة فيما عدا السيادية منها. وعلى الجانب اجتماعياً، ستحكم مشروع نيوم أفضل المعايير العالمية لنمط العيش في الجوانب الثقافية، والفنون، والتعليم.
سينمو تعداد السكان في مدينة نيوم متأثراً بالتطورات المستقبلية، كالأتمتة والروبوتات التي ستحد من الأيدي العاملة البشرية ذات الأعمال الشاقة، وذلك سيزيد من وجود قوى عاملة عالية المهارة (كالأطباء وغيرهم) لشغل الوظائف ذات الطابع الإستراتيجي والإبداعي، وسيتيح مشروع «نيوم» لمواطنيه الوصول للمواقع والمرافق داخل المشروع مشياً على الأقدام أو باستخدام الدراجات الهوائية، إضافة إلى توفير أفضل البنى التحتية للنقل التي تتبنى تقنيات المستقبل. وعلاوةً على ذلك، ستكون خدمات الحكومة الادارية لـ «نيوم» مُؤتْمَتة بشكل كامل وسهلة الاستخدام، مع توفير خدمات رقمية سريعة ومجانية للناس، تشمل الإنترنت في كافة الأماكن، تعزيزاً للتعليم وتسهيلاً للتواصل، ويهدف المشروع بشكل أساسي إلى معالجة مسألة التسرب الاقتصادي في المملكة العربية السعودية، إلى جانب تطوير قطاعات اقتصادية رئيسية للمستقبل.
وقد تم تحديد 9 قطاعات اقتصادية رئيسية لتأسيس الحضور الاقتصادي للمشروع، تتمثل في: مستقبل الطاقة والمياه, مستقبل التنقل، مستقبل التقنيات الحيوية, مستقبل الغذاء, مستقبل العلوم التقنية والرقمية, مستقبل التصنيع المتطور، مستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي, مستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة كركيزة أساسية لباقي القطاعات، كما سيحظى أصحاب الأعمال والاستثمار بدعم تمويلي لإقامة المشاريع التي تخدم أهداف مشروع «نيوم».
إضافة لذلك، فإن حكومة المملكة تولي هذا المشروع اهتماماً بالغاً ودعماً كبيراً على جميع المستويات، كما سيتم دعم «نيوم» بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة من قبل المملكة العربية السعودية، صندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين، وعلاوة على ذلك، فإن المعيشة في مشروع «نيوم» ستكون عنصراً قوياً لجذب أكفأ المهارات العالمية ونخبة العقول وأصحاب الفكر والعلماء، لتنسجم القطاعات المحلية وتتشارك معهم، سيكون المشروع منطقة خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، فيما عدا الأنظمة السيادية مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة عالمياً. وإضافة إلى ذلك، سيتم تطبيق أعلى معايير السلامة والأمان في مشروع «نيوم»، وأرقى الأنظمة الاجتماعية كركيزة أساسية للمعيشة المثالية. والمقصود بالأنظمة السيادية هنا هو كل ما يتعلق بالقطاعات العسكرية والسياسة الخارجية والقرارات السيادية بحسب ما تراه حكومة المملكة مناسباً
ان الذكاء الإصطناعي بإستخدام البرامج الحاسوبية لمحاكاة القدرة الذهنية للبشر وتقنيات الواقع المعزز او الافتراضي باستخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة التي يتم ارتدائها كالنظارات والعدسات اللاصقة ومراكز البيانات التي تتكون من مراكز ضخمة مكونة من العديد من الخوادم الضخمة وأنترنت الأشياء وهو الجيل الجديد من شبكة الأنترنت وكذلك التجارة الالكترونية كل ذلك من العلوم التقنية ومستقبلها هو مجال هام ورئيسي من التي ستخوض فيها نيوم، أفضل ما توصل إليه الانسان في مجال التقنية والمعرفة الأبحاث سيكون الهدف من “نيوم” وعليه يتأمل أن تصبح إحدى أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية وللوصول لذلك سيكون المحور التقني هو المحرك الأساسي للعمل في “نيوم” ولعل تواجد الروبوت صوفيا والرمزية في منحها الجنسية السعودية خلال مبادرة مستقبل الاستثمار الذي أعلن عن نيوم خلالها كان ذلك أفضل دلالة من القائمين على نيوم أنه مشروع سيعتمد التقنية محورها ومحركها الأساسي.
فاستخدام الروبوتات والأتمتة في المشروع سيشكل العامل الأساسي في نمو تعداد السكان في مدينة نيوم فهي ستقلل من استخدام الأيدي العاملة العادية في الأعمال الشاقة أو الروتينية بينما بالمقابل سيزيد عدد الكفاءات والمهارات في مختلف المجالات ذات الطابع الابداعي وسيتم استقطابها من أجل التفرغ للابتكار على تترك الأعمال غير الابداعية والمكررة أو الشاقة للروبوتات وذلك سيساهم بزيادة الدخل للأفراد الذي لن يجدوا منافسة بذلك من الآلات.
وكذلك فإن مدينة مثل نيوم ستكون أفضل نموذج للمدينة الذكية من حيث الإدارة فجميع الخدمات والإجراءات التي ستقوم بها إدارة المدينة ستكون خدمات ذكية عبر الأتمتة فكافة المعاملات سواء لناحية الاستثمار أو التصنيع وحتى في المنازعات القضائية ستكون الكترونية أي أن الورق لن يستخدم في هذه المجال وذلك بالإضافة لأهميته التقنية فإنه أمر مناسب جداً للبيئة والتنمية المستدامة، وفي ذات المجال التقني ستعتمد المدينة على ما يسمى بالهواء الرقمي وهو الشبكات المجانية العامة للأنترنت ففي نيوم لا يمكن لأحد أن يكون بعيداً عن الوصول للأنترنت وكذلك سيكون هناك التعليم المجاني المستمر على الانترنت ومعايير جديدة في البناء للحصول على سكن خالي من الكربون ولا يمكن تجاهل تقنيات السلامة والأمن الذي ستستخدم أعلى التقنيات في هذا المجال من أجل يحصل القاطنين بالمدينة على أعلى نسبة آمان بالعالم.
ولقد وقعت مدينة نيوم “NEOM” وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست” اتفاقية إنشاء مركز للتميّز العلمي متخصص في أبحاث مشروع نيوم داخل حرم “كاوست”، هدف الاتفاق إلى توفير مركزٍ للأبحاث والتعليم، يقدم حلولًا تدعم مشروع نيوم وتسهم في دفع عجلة التنمية الوطنية في مجالات تشمل الطاقة المستدامة، وتخطيط المدن، والزراعة، وعلوم الزلازل، وتحلية المياه، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة وأجهزة الاستشعار وغيرها.
مع التغيرات التقنية الهائلة اليوم سنجد أن القوانين المحلية والتشريعات والجمارك لا تقل أهمية عن السيطرة على الفضاء الالكتروني كما هي الحال في الفضاء الحقيقي، لذلك وفِي ظل التغيرات الجذرية في الإقتصاد السعودي والاثار الاقتصادية لـ “نيوم” لابد من إنشاء (( شبكة انترنت وطنية National Internet )) فالتحديات الأمنية التي يفرضها الإستخدام المتزايد للإنترنت والتخوف من اختراق الشبكات العسكرية وسرقة المعلومات الإستراتيجية أو التحكم في الأنظمة العسكرية الإلكترونية والهجمات الإلكترونية وعمليات التجسس تفرض علينا اليوم “أمننة” وحوكمة الإنترنت، فهذه التهديدات تعد اليوم قوة دافعة للعديد من دول العالم، دفعت دول الاتحاد الأوروبي، ودول مجموعة البريكس، للتوجه نحو بناء شبكة داخلية سواء للإنترنت أو الاتصالات، وقد سبق ذلك قيام الصين بإنشاء الجدار الناري العظيم للعمل على الحماية من التهديدات الإلكترونية بأنواعها المختلفة، وهو ما يلقى الضوء على بعض التجارب الدولية، سواء المزمع تنفيذها أو التي تم تنفيذها بالفعل.
فيما يتعلق بالحفاظ على أمن الإنترنت الوطني، فمعظم الشركات الأمريكية تهيمن على صناعة الإنترنت في العالم، سواء كانت مكونات مادية Hardware أو برمجية، فنجد أن شركات جوجل تستحوذ على سوق محركات البحث، أما مايكروسوفت وأبل فتحتكران قطاع أنظمة التشغيل Operating Systems وتحتكر شركات جوجل وأبل ومايكروسوفت أنظمة تشغيل الهواتف الذكية، وحتى عندما يتعلق الأمر بقطاع الاتصاات السلكية والاسلكية القوية تقليديا فنجد أن شركة T&AT تحتل المرتبة الثانية عالميا ، بعد شركة NTT اليابانية، وتعتبر شركة سيسكو سيستمز الأولى عالميا في مجال المعدات الشبكية، وتسيطر الشركات الأمريكية مثل فيسبوك وتويتر وجوجل على سوق شبكات التواصل الاجتماعي في العالم.
من المعروف أن التحكم بنظام أسماء النطاقات يتم عن طريق منظمة ICANN التابعه بشكل غير مباشر لوزارة التجارة الأمريكية، كما أن معظم الشركات التي تعمل في الإنترنت مسجلة في الولايات المتحدة؛ ومن ثم يمكن القول إنه يصعب في الوقت الحالي التخلي عن الدور الأمريكي بصورة كاملة في إدارة أصول الانترنت نظراً لعدم وجود بديل جاهز وضعف ، المنافسة بين كبرى الشركات الأمريكية وغيرها من الشركات في أوروبا وآسيا، الولايات المتحدة تسيطر على منظمة الأيكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وهناك فرق كبير بين الإمتلاك وبين التحكم، فالامتلاك صعب بفضل تعددية وانتشار الشبكة، أما التحكم فأكثر سهولة بحكم الأسبقية والريادة التقنية التي تملكها الولايات المتحدة الأمريكية، تأسست الأيكان في ولاية كاليفورنيا في عام 1998 بناء على عقد مع وزارة التجارة الأمريكية لتنظيم عملية إدارة عناوين ونطاقات مواقع الإنترنت وهو ما ترتب عليه خضوع أعمالها وأنشطتها للإشراف من قبل الولايات المتحدة منذ تأسيسها هذا فضلاً عن سيطرتها على معظم الخادمات الجذرية عبر سلطة تعيين أرقام الإنترنت IANA التابعة لهيئة الآيكان فمن أصل 13 خادماً جذرياً تسيطر الولايات المتحدة على 10 خوادم منها، والثلاثة الباقون موزوعون مابين استوكهولم وامستردام وطوكيو بالإضافة إلى قدراتها التكنولوجية المتقدمة التي تمكنها من التجسس على معظم الإتصالات عبر الفضاء الإلكتروني حول العالم.
إن الولايات المتحدة تسيطر وتتحكم في عملية ادارة الإنترنت حول العالم وليس هناك مجال لقيام بعض الدول بمشاركة الولايات المتحدة في هذه العملية وهو ما يضع تحدياً كبيراً أمام كثير من الدول التي تحاول فرض بعض القيود على حرية استخدام الإنترنت سواء من القطاع الخاص أو المجتمع المدني أو الأفراد ليس فقط لسيطرتها على عملية الإنترنت ولكن أيضاً بسبب سيطرتها على صناعة الإنترنت في العالم سواء كانت مكونات مادية أو برمجية فشركات جوجل تستحوذ على سوق محركات البحث أما مايكروسوفت وآبل فتحتكران قطاع أنظمة التشغيل وتحتكر شركات جوجل وآبل ومايكروسوفت أنظمة تشغيل الهواتف الذكية.
إذا تخلت الولايات المتحدة عن دورها في إدارة الإنترنت فإننا بصدد اتجاه متزايد لصالح دور الدول على حساب المجتمع المدني والقطاع الخاص في ادارة الإنترنت وإذا استمرت الولايات المتحدة في هذا الدور فإنه استمرار لعصر الهيمنة الأمريكية على الإنترنت منذ نشأته، وهو ما يجعل التفكير في حلول بديلة كإنشاء شبكة انترنت وطنية National Internet، ضرورة مع توجهات رؤية المملكة 2030 والتطلعات الإستراتيجية لمدينة “نيوم” .
من الأسئلة المهمة، “هل تملك المملكة العربية السعودية تجربة سابقة في مثل هذه المشاريع؟!” والجواب: نعم فلدى المملكة العربية السعودية التجربة الكافية ومن الأمثل مدينة الجبيل فهي تعد من أكبر مشاريع المدن الصناعية العالمية والتي استغرق تنفيذها تقريبا 10 سنوات، وهي تعد من النماذج الناجحة عالمياً. مع وجود الفارق الواضح من الناحية الاقتصادية بين مدينة الجبيل ومدينة نيوم ومن الناحية التشريعية فإن مدينة الجبيل الصناعية تعتبر تجربة لا يمكن إغفالها أو الاستهانة بها للمملكة العربية السعودية. وهذا إن دل فلا يدل إلا على أن عوامل النجاح لمدينة نيوم متوفرة والمناخ الاقتصادي السعودي يعزز بشكل لا سابق له إنجاح مشروع مدينة نيوم.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734