الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اطلّت علينا صحيفة وول ستريت بتوقعات افتراضية تُفيد بوجود تباين في البيانات النفطية السعودية، مشيرة الى ان هذا قد يهز الأسواق، وجاء ذلك بعد اسبوع من التصريح المغلوط لمحافظ إيران لدى منظمة أوبك واتهم ليه السعودية بانها لن تستطيع تعويض صادرات النفط الإيرانية المُقبلة على الحظر في ظل فرض العقوبات بداية شهر نوفمبر المقبل.
الا ان المتتبع للأحداث يعلم أنه لايوجد بيانات موثوقة ولا اي تأكيد لصحة توقعات الصحيفة عن تناقض البيانات بين التقديرات الرسمية والتقديرات المُستقلّة (على حد تحليلهم)، ومع ذلك فإنها أفادت جُزافاً أن ذلك قد يتسبب في ارباك أسواق النفط والكميات التي ستصل إلى المستهلكين، وصراع قادم بين أعضاء منظمة اوبك.
ونحن هنا بهذا الصدد نود أن نتوجه بالأسئلة المُدرجة أدناه إلى “وول ستريت”:
1) لماذا لم يتم التطرق إلى تناقضات معلومات إنتاج النفط الإيراني، خصوصا قبيل اتفاقية أوبك التاريخية نهاية عام 2016؟، ولماذا لم تتطرق إلى عبث إيران بأسواق النفط وادعائها بإنتاج 4.3 مليون برميل يوميا قبل عقوبات عام 2012، بالرغم من أنها لم تتجاوز حاجز 4 مليون خلال العشر سنوات الماضية؟.
2) لماذا لم تتطرق الى عدم انضباط ايران المعتاد وموقفها الغير الواضح من اتفاقية أوبك التاريخية مما أعاق الجهود بسبب هوس العودة إلى سقف إنتاج وهمي لما قبل العقوبات الاقتصادية، حيث أن هذا يعتبر من أبرز أسباب فشل اجتماع أوبك في شهر إبريل عام 2016؟.
3) لماذا لم تتطرق إلى تلاعب إيران بمعلومات المخزون النفطي، ومحاولتها إيهام المراقبين بأنها تنتج قرابة 4 مليون برميل يوميا، كسقف يعطيهم مجالاً لزيادة الإنتاج الحقيقي عند تحسن أسعار النفط والحصول على الاستثمارات الخارجية؟، لأنها تحلم بالمستحيل، وذلك بإعادة الأمس الذي مضى عليه 40 عاما، عندما بلغ أقصى إنتاجها 6.6 مليون برميل يوميا في نوفمبر من عام 1976، بينما متوسط إنتاجها خلال الأربعين سنة الماضية لم يتجاوز 3.5 مليون برميل يوميا، وعند محاولة رفع الإنتاج الى هذا الحد المرهق فإن الأمر بلا شك يتطلب ضخ المزيد من الأموال للإستثمارات المنبع، وهذا ما لا يتحمله اقتصاد إيران المتهالك والبنية التحتية المهترئة. (كما هو موضح في الرسم البياني المرفق).
افتراض الصحيفة مبني على تحليلات نظرية تُفيد بالمُبالغة في تقدير الإنتاج السعودي، وتبني على هذا افتراض بأننا سوف نفقد المصداقية ونزيد من تقلبات الأسعار، بينما تتجاهل “وول ستريت” الموقرة دور المملكة الريادي في توازن السوق. ومن الواضح أن مزاعمها لم تأخذ في الحسبان الحقائق التالية:
1) اسعار النفط تتحرك في نطاق ضيق ، حيث يتراوح سعر خام برنت بين 73 و 78 دولار منذ بداية شهر يونيو المنصرم – حتى مع زيادة إنتاج المملكة.
2) المملكة العربية السعودية هي المورّد النفطي الأكثر موثوقية – والداعم الأكبر لإستقرار اقتصادات الدول المستهلكة. والأهم من ذلك، المملكة هي المنتج المرجّح الوحيد الذي لديه القدرة الاحتياطية القصوى لتحقيق الاستقرار للسوق، كلما دعت الحاجة لزيادة الامدادات النفطية.
3) ارتفع إنتاج النفط السعودي من حوالي 10.03 مليون برميل يومياً في شهر مايو المنصرم إلى حوالي 10.5 مليون برميل يومياً في يونيو المنصرم، وذلك لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة ولتعويض النقص العالمي في إمدادات النفط، ويمكن أن يصل الإنتاج الى 12 مليون برميل يومياً بوتيرة سريعة، إذا دعت الحاجة لذلك.
4) بعض التحليلات تُشير الى أن السعودية زادت إنتاجها بحوالي نصف مليون برميل يومياً في شهر يونيو المنصرم، لتلبية الطلب المحلي لحرق النفط المباشر في مولّدات الكهرياء لتلبية متطلبات الصيف من الطاقة الزائدة بسبب مكييفات الهواء وليس لتلبية الطلب العالمي، إذا كانت تلك المزاعم صحيحة، فلماذا كان الإنتاج السعودية ثابت عند نحو 10 مليون برميل يومياً في شهر يونيو عام 2017؟
5) كان إنتاج المملكة في شهر نوفمبر 10.72 مليون برميل يومياً عام 2016 بعد ذلك وللمرة الأولى منذ فبراير 2015، انخفض إلى أقل من 10 ملايين برميل في اليوم في يناير 2017، بعد أن قلّصت المملكة إنتاجها بمقدار 560 الف برميل يومياً مقارنة بمرجعية التخفيض لشهر أكتوبر عام 2016 – وهو أعمق من خفض اوبك المتفق عليه البالغ 490 ألف برميل يومياً. والجميع يتذكر كم من الوقت استغرقت روسيا لخفض إنتاجها 300 الف برميل فقط بناء على اتفاقية خفض إنتاج أوبك بلس في أوائل عام 2017.
ونختم بأن هذه قدرة الانتاج السعودية الفريدة (المُنتج المرجّح الوحيد في العالم والمورّد الأكثر موثوقية للنفط)، تاتي لأن المملكة تُكرّس جميع طاقاتها لتحقيق التوازن والاستقرار لأسواق النفط وتلبية الطلب العالمي، وربما اغفلت صحيفة وول ستريت ان لدينا بنية تحتية نفطية فريدة من نوعها تُمكّن المملكة من تعديل الإنتاج بمرونة صعوداً وهبوطاً لمواجهة التقلبات في الطلب.
السعودية المورّد الأكثر موثوقية للنفط في العالم، استثمرت في بناء البنية التحتية للنفط والخدمات اللوجستية ومرافق التصدير التي يحتاجها العالم، وقد واصلت استثمارات المنبع ولم توقفها أبداً – حتى عندما تراجعت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولار في أوائل عام 2016.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال