الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يكاد لا يوجد حلول قصيرة الأجل للأزمة في فنزويلا، والتي يعتمد اقتصادها على أرباح النفط بنسبة 96%. وبالتالي فنزويلا لديها الآن أعلى معدل للتضخم في العالم. ووفقا للتقديرات، لديها أيضا أكبر احتياطيات نفطية في العالم، ولكنها تشكل أعلى تكلفة استخراجية للنفط مقارنة مع بلدان نفطية أخرى. ولو عدنا بالتاريخ إلى الوراء لوجدنا أن فنزويلا كان لها دورا مهما في تاريخ صناعة النفط، فقبل الحرب العالمية الثانية كانت فنزويلا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وفي عام 1959م، تم توقيع معاهدة نفطية بين فنزويلا والسعودية والكويت والعراق وإيران كانت بعد ذلك سبيلاً لتأسيس منظمة «أوبك» الحالية.
كانت فنزويلا، التي تقع على رأس قائمة أكبر احتياطيات النفط في العالم هي البلد الوحيد الغير شرق أوسطي الذي تم تضمينه وهذا دليل على أهميتها بالنسبة إلى قطاع النفط العالمي. وكانت فنزويلا تعتبر غنية في أوائل الستينات، فقد أنتجت أكثر من 10 في المائة من النفط الخام في العالم وكان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أكبر بعدة أضعاف من جيرانها البرازيل وكولومبيا، وليس بعيداً كثيراً عن مثيله في الولايات المتحدة. في ذلك الوقت، كانت فنزويلا حريصة على التنويع في الاقتصاد بدل الإعتماد الكلي على النفط، الذي بالتأكيد لن ينشئ اقتصاداً متين ومستدام، وهذا بالتأكيد ينطبق على جميع الدول النفطية. ولكن بحلول السبعينات من القرن الماضي، كانت فنزويلا تسير على ارتفاع أسعار النفط إلى ما بدأ وكأنه فورة اقتصادية لا تنتهي. وفي الوقت نفسه كانت تحظى بديموقراطية مستقرة، جعلتها دولة نموذجية في منطقة غالباً ما تكون مضطربة.
ومن المعلوم أن فنزويلا قد حققت تقدماً كبيراً في تأميم وتوطين صناعة النفط. فقد سعى الرئيس السابق كارلوس أندريس بيريز إلى قيام الدولة بدور أكبر بكثير في الشأن الاقتصادي، وأراد على وجه الخصوص استخدام ثروة البلاد النفطية سريعة النمو في دفع عجلة التنمية. وفي ذلك العام، ولإحراز السيطرة الوطنية الكاملة على حقول النفط، قامت الحكومة بنفي شركات النفط الأجنبية وأنشأت شركة احتكارية جديدة تديرها الدولة تسمى بتروليوس دي فنزويلا (PDVSA) وذلك عام 1976م. وللأسف العصر الذهبي لم يستمر على ماهو عليه وذلك لاسباب عدة، لم يكن من بينها حرباً عسكرية أو فرضاً للعقوبات. لكن بكل تأكيد، سوء الإدارة هو ما أوصل صناعة النفط في فنزويلا إلى هذه الحالة المؤسفة. وبسبب أن الفوضى وسوء الإدارة لا يخدمان صناعة النفط في أي مكان في العالم، جعل فنزويلا الآن بلداً مستورداً للنفط لتلبية الاحتياجات الداخلية.
وبمجرد تحرير فنزويلا من كل هذه الكارثة الموصوفة، سيكون من الضروري إعادة تصميم النظام الاقتصادي ودعم الأساس الإداري والسيطرة على التضخم المفرط حتى لا يتكرر شيء مماثل. بعد ذلك يمكن إقامة سعر صرف مستقر للعملة، وجعل هناك قانون قابل للتنفيذ يمكن أن يوفر للمستثمرين الأجانب بعض مظاهر القدرة على الاستثمار داخل فنزويلا. وذلك للحفاظ على التوازن الذي يسمح بتنمية البلاد وتوطيد العلاقات مع بقية العالم. ففنزويلا تتمتع بموارد طبيعية من جميع الأنواع. والأهم من ذلك، هو أن تصلح صناعة النفط لديها اليوم بالاعتماد أكثر على الشركات الأجنبية.
هذا بمجمله يأكد لنا؛ أن امتلاك النفط فقط بوفرة كبيرة لا يعد خلاصاً من الفقر واسقراراً في الغنى، دون وجود إدارة حكيمة ومسؤولة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال