الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا شك أن مستوى الجدارة الائتمانية للأفراد هو مؤشر يساعد جهات التمويل ومن ذلك البنوك على تحديد السقف التمويلي للعميل ونسبة ربح البنك سنويا مما يساعد في تقليص المخاطر المرتبطة على جهة التمويل من جانب ، وأيضا ستساعد طالب التمويل على الحصول على مبلغ التمويل المناسب له بناء على وضعه المالي الحالي حتى لا يقع في اختناقات مادية ستؤدي حتما الى الافلاس والتعثر مع جهات التمويل والتقسيط . ومن ذلك ما قامت به مؤسسة النقد العربي السعودي مؤخرا في طرح تعميم مبادئ التمويل المسؤول للأفراد سعيا منها للالتزام بها من قبل البنوك وشركات التمويل ، وتوجيها للتمويل الى المسار الصحيح نحو شراء الأصول كتملك سكن .
الجدير بالذكر فهذه الخطوة تعتبر خطوة جديدة نحو كبح جماح بعض القروض غير المسؤولة في حال وجودها ! والتي تسعى لتحقيق أقصى استفادة من العميل وبأقصى مبلغ سعيا منها لتعظيم إيراداتها وحصصها السوقية ، وبغض النظر عن مدى تأثير ذلك على العميل وتعثره في النهاية مما يؤدي الى وجود شريحة من المتعثرين تتأثر بسببها سياسات جهات التمويل تلك . ولكن لي وقفات بهذا الصدد رغبة في تحسين تطبيق هذه الخطوة بطريقة أكثر نفعا لاقتصادنا الوطني وذلك على النحو التالي :
*قامت المؤسسة في الفقرة الثامنة في التنويه على أهمية أن يقوم الممول باتباع أسلوب علمي ومعايير لتقييم الجدارة الائتمانية للعميل وقدرته على السداد وهذا أمر جيد تحت إطار الجهات المعنية تحت مظلة المؤسسة ، إلا أنه كان من الأفضل أن يتم توحيد هذه المعايير ولا أقصد من ذلك نسبة ربحية جهة التمويل لكل شريحة من العملاء ، بل أعني توحيد معايير تقييم الملاءة المالية للعميل حتى تكون لدينا مخرجات من المعلومات يستفيد منها حسب المواطن في تحليل الجانب المالي للأفراد السعوديين بهدف تحديد المخصصات المناسبة لشرائح المواطنين المستحقة للدعم ، من هنا يتم تعميق مبدأ الفاعلية والتطوير المستمر لجميع البرامج المدرجة تحت رؤية 2030 .
*قامت المؤسسة في الفقرة الحادية عشر في التنويه على أهمية حصر وتصنيف للمصاريف الأساسية بحد أدنى ثمانية من مجموعات الانفاق منها الأغذية والسكن وأجور العمالة ونفقات التعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات والتأمين إضافة الى أي مصاريف متوقعة مستقبلا ، وهذا حسن خاصة وأن هذه المجموعات تتأثر بعدد الأفراد المعالين ومستوى الدخل ومحل الاقامة ونوع تملك السكن ، إلا أنه من المهم أن تكون هناك ورشة عمل بالتعاون مع الهيئة العامة للإحصاء ، بهدف دمج الجهود لعمل دراسة تكاملية بين الدراسات المسحية لإنفاق الأسر في المملكة مع إحصائيات السجلات الحقيقية لنفقات عملاء البنوك وشركات التمويل . إضافة الى ذلك فإن هذه الطريقة ستساعد في تحديث أوزان مؤشر التضخم في المملكة بطريقة أكثر دقة وأسرع تحديثا خاصة مع وجود نفقات مهمة في التعميم كنفقات أجور العمالة المنزلية .
*فخ المصاريف : عملية سؤال العميل عن التزاماته ومصاريفه الشهرية قد تكون غير دقيقة البتة لأن المصاريف قد تكون متوسطاتها ثابتة أيام الدراسة وموسمية قبل الدراسة ووجود العطلات أو في شهر رمضان وغيرها من الحالات ، بل قد تكون هناك مصاريف طارئة نظرا لوجود حالات وفاة أو مرض أو غيرها ، لذلك فالأفضل أن يتم تطبيق نماذج تحليل المصاريف وقائمة الدخل والمركز المالي للعميل حتى يتم وضع معايير أخرى إضافة إلى مؤشر قدرة العميل على السداد شهريا كمقارنة الاصول الجارية للعميل مقابل المصروفات الشهرية الأساسية وغيرها .
*الاستقطاعات من الدخل : من المعلوم أن هناك فرق بين الالتزامات الشهرية الائتمانية وبين الالتزامات الشهرية التنموية الاستثمارية ، صحيح أن كلاهما تدفقات نقدية خارجة من الحساب فالأول يعتبر دينا والآخر يعتبر أصلا . لذا من الخطأ ادراج الاستقطاعات الاستثمارية ضمن الالتزامات الائتمانية الشهرية .
*معالجة الاستهلاك : لتوضيح الصورة سأضع المثال التالي موضحا كيف أن زيادة المصروفات الرئيسية من العميل كما حددتها مؤسسة النقد ستقوم بإضعاف الوضع الائتماني له للحصول على التمويل المطلوب من قبله خاصة في جانب التمويل الشخصي ، لذا أضع المثال التالي:
النفقات الشهرية لأسرة سعودية (4-6) أفراد |
|||
مجموعة الإنفاق الشهري |
المجموع 2013 |
التضخم 2013 – 2017 |
المجموع 2017 |
الأغذية والمشروبات |
SAR 2,569 |
-0.2% |
SAR 2,564 |
التبغ |
SAR 36 |
53.7% |
SAR 55 |
الأقمشة والملابس والأحذية |
SAR 831 |
0.0% |
SAR 831 |
السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود وأخرى |
SAR 2,930 |
11.8% |
SAR 3,276 |
تأثيث وتجهيزات المنزل وصيانتها |
SAR 964 |
1.2% |
SAR 976 |
الرعاية الصحية |
SAR 269 |
6.2% |
SAR 286 |
النقل |
SAR 1,208 |
7.8% |
SAR 1,302 |
الاتصالات |
SAR 873 |
-0.8% |
SAR 866 |
الترفيه والثقافة |
SAR 430 |
-4.4% |
SAR 411 |
التعليم |
SAR 295 |
9.8% |
SAR 324 |
خدمات المطاعم والفنادق |
SAR 629 |
3.6% |
SAR 652 |
السلع والخدمات الشخصية المتنوعة |
SAR 2,998 |
2.4% |
SAR 3,070 |
مجموع المصاريف الشهرية بدون أجور العمالة المنزلية |
SAR 14,032 |
|
SAR 14,612 |
أجور العمالة المنزلية |
|
|
SAR 1,500 |
مجموع النفقات الشهرية مع وجود أجور العمالة المنزلية |
|
|
16,112 |
نسبة النفقات الاستهلاكية من السلع والخدمات المتنوعة |
35.9% |
|
|
نفقات أساسية (التمويل المسؤول) |
SAR 11,218 |
|
|
نفقات فرعية (التمويل المسؤول) |
SAR 4,894 |
|
|
إجمالي الراتب (بعد خصم التأمينات أو التقاعد) مع البدلات |
SAR 17,000 |
|
|
إجمالي الدخل الشهري |
SAR 20,000 |
|
|
إجمالي الالتزامات الشهرية بدون النفقات الاساسية (قسط سيارة مثلا) |
SAR 1,782 |
|
|
إجمالي الالتزامات الشهرية مع النفقات الاساسية |
SAR 13,000 |
|
|
صافي الراتب المتاح للتمويل |
SAR 4,000 |
|
|
صافي الدخل المتاح للتمويل |
SAR 7,000 |
|
|
نسبة التحمل |
65% |
|
|
يمثل هذا الجدول بنود إنفاق الأسر السعودية في عام 2013 (عمود المجموع 2013) حيث يتضح أن مجموع النفقات الشهرية (بدون أجور العمالة المنزلية) في تقرير 2013 يساوي 14032 شهريا لأسرة سعودية مكونة من 4-6 أفراد ، وعند تضخيم هذه النفقات حتى عام 2017 – استنادا الى احصاءات الرقم القياسي لتكاليف المعيشة (مؤشر التضخم) المنشورة عن طريق مؤسسة النقد العربي السعودي – ستجد أن مجموع النفقات الشهرية ستكون لهذه الأسرة عند 14612 (عمود المجموع 2017) ، والحقيقة أن مؤسسة النقد أضافت نفقات أجور العمالة المنزلية ضمن النفقات الأساسية (تم إضافة 1500 ريال كأجور للعمالة شهريا كمتوسط) – وأرى أنه من المستحسن الاستفادة من هذا الاقتراح ليتم إضافة هذا البند الى احصائيات مسح إنفاق الأسر في المملكة عن طريق الهيئة العامة للإحصاء حتى يتم توحيد المدخلات الاحصائية في هذا الخصوص – إذا ستكون إجمالي النفقات الشهرية لهذه الأسرة هو 16112 (عمود المجموع 2017).
بالنسبة لجهات الاقتراض فهي تنظر الى الائتمان (قدرة العميل على الاقتراض) بصورة مختلفة حيث أن التمويل المسؤول سيضع المصاريف الرئيسية (اللون الأزرق حسب الجدول أعلاه) ضمن الالتزامات الشهرية على النحو التالي :
حيث تم استبعاد جميع نفقات التبغ (المضرة للصحة) والأقمشة والملابس والأحذية وتأثيث وتجهيزات المنزل وصيانتها إضافة الى نفقات الترفيه والثقافة وخدمات المطاعم والفنادق ، مع إبقاء جميع النفقات الأخرى والتي سيتم تصنيفها كأساسية إضافة إلى أجور العمالة المنزلية لتكون هذه المصاريف الرئيسية الشهرية حسب الجدول أعلاه هي 11218 مقارنة بإجمالي النفقات الفعلية 16112 أي ما يقارب 70% . وهذا ما جعل هذا التمويل مسؤولا بدلا من السابق حيث كانت 11218 كنفقات أساسية غير محسوبة أمام جهات التمويل كجزء من الالتزامات الشهرية .
نعود لإكمال القصة لنعرف كيفية احتساب نسبة التحمل المطلوبة (حسب تحليلي لتعميم التمويل المسؤول) على النحو التالي على افتراض أن :
*إجمالي الراتب الشهري (بعد خصم قسط التأمينات الاجتماعية أو المؤسسة العامة للتقاعد) = 17000
إجمالي الدخل الشهرية = إجمالي الراتب (17000) + 50% من دخل آخر (3000) = 20000
ستكون المخرجات :
*صافي الراتب المتاح للتمويل = إجمالي الراتب (17000) – النفقات الأساسية (11218) – الالتزامات الائتمانية الأخرى (مثلا 1782 ريال شهريا مثل أقساط سيارة) = 4000 ريال (23% من إجمالي الراتب 17000) مقارنة بالحد الأعلى للتمويل الشخصي البالغ 33.33%.
*صافي الدخل المتاح للتمويل = إجمالي الدخل (20000) – النفقات الأساسية (11218) – الالتزامات الائتمانية الأخرى (مثلا 1782 ريال شهريا مثل أقساط سيارة) = 7000 ريال (35% من إجمالي الدخل 20000) مقارنة بالحد الأعلى لجميع أنواع الالتزامات مع التمويل العقاري البالغ 65% ، وهذا في الحقيقة توجيه لأغراض الحصول على تمويل من الاستهلاك الى شراء الأصول من خلال التمويل العقاري نظرا لتوسعة دائرة الدخل من الراتب إلى إجمالي الدخل .
*نسبة التحمل = ]النفقات الأساسية (11218) + الالتزامات الائتمانية الأخرى (مثلا 1782 ريال شهريا مثل أقساط سيارة)[ / إجمالي الدخل (20000) = 65% .
في نهاية المقال أقول أن اتخاذ القرارات الاقتصادية التي ستؤثر على الأفراد هي ذات حساسية بالغة ، وتحتاج لكثير من التحليلات وتكامل الجهود حتى نضمن نجاحا أكبر لجميع البرامج التي تسعى لتحقيق رؤية 2030.
تحياتي ..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال