الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في اجتماع مع أحد مسؤولي الحوكمة في أحد الجهات الحكومية سألني على حين بغتة: إذا كنتِ في موقع لتأسيس إدارة حوكمة في أحد الجهات الحكومية الخدمية فما أول خطوة ستقومين بعملها؟ بعد تفكير لبعض الوقت أجبت: فتح قنوات التواصل مع جميع أصحاب المصلحة من مواطنين وغيرهم والسماع منهم. كان السؤال مفاجئاً بالنسبة لي لكن جوابي بدأ أنه أتى أكثر مفاجأة بالنسبة له.
كنت أعرف أساسيات الحوكمة وأهمية وضع الأنظمة واللوائح وتشكيل فرق العمل وتحديد الصلاحيات ووضع البرامج والخطط ولكن بدأ لي هذا الجواب منطقياً في لحظتها، خصوصاً أن أحد أهداف الحوكمة هو تحقيق أهداف المنشأة بكفاءة ولا يمكن وضع الخطة الفاعلة لتحقيق ذلك دون السماع من أصحاب المصلحة. لكن يبدؤ أن الجواب لم ينال استحسان المسؤول حيث أبدى اعتراضه بأدب مستفيضاً في أمور أكثر أهمية يجب عملها قبل ذلك.
عند التفكير في الموضوع قد يبدؤ غريباً بعض الشي وغير منطقي استشارة أصحاب المصلحة وإشراكهم في صنع السياسات في المراحل الأولى، ويبدؤ الموضوع أغرب في أغلب المؤسسات الحكومية في السعودية حيث اعتاد المواطن على دور المتلقي فقط، أو في حالة المؤسسات الأكثر تطوراً يكون المواطن شريكاً في عملية صنع السياسات في مراحلها الأخيرة فقط (في استطلاع مرئيات العموم مثلاً)، أو ما بعد تلك المرحلة حين يكون التغيير أصعب. لكن متى وإلى أي مدى يجب أن يكون المواطن شريكاً؟
في تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عن (إشراك المواطنين في صنع السياسات) ذكر فيه ايجابيات إشراك المواطنين في صنع السياسات من تحسين لجودتها والتشجيع على الابتكار والتطوير وتعزيز الثقة في المؤسسة والولاء لها إلى غيرها من الايجابيات، وتم تصنيف علاقة المواطنين مع الحكومة في صنع السياسات إلى ثلاث أنواع:
1. المعلومات: وهي علاقة من طرف واحد، تشمل توفير المعلومات اللازمة للمواطنين. وهي على نوعين إما بطريقة غير فاعلة (Passive) بتوفير المعلومات في حال الطلب فقط أو طريقة فاعلة (Active) وهي المبادرة بنشر المعلومات طوعاً وإتاحتها للعامة.
2. الاستشارة: وهي علاقة من طرفين، حيث يقوم المواطن بتقديم ملاحظاته للحكومة، وهي معتمدة بشكل كبير على النقطة الأولى وهي المعلومات.
3. المشاركة الفعالة: وهي علاقة مبنية على الشراكة مع الحكومة، بحيث يكون المواطن منخرط بشكل فعال في عملية صنع السياسات. تسمح هذه العلاقة للمواطن بتقديم خيارات للسياسة وفتح باب الحوار في هذا المجال، وإن كانت المسؤولية للقرار النهائي أو صنع السياسة تقع في يد الحكومة.
العلاقة الأخيرة متقدمة جداً وفي تاريخ عمل التقرير (2001) تم الإشارة إلى كندا وهولندا كأحد الأمثلة القليلة الرائدة في عملية إشراك المواطنين مشاركة فعالة في صنع السياسات، من ضمن الدول الأعضاء في المجموعة. والآن يخيفني جداً التفكير أننا في العام (2018) أي بعد 17 سنة من تاريخ عمل التقرير ولا تزال العلاقة بين بعض المؤسسات الحكومية لدينا وبين المواطن غامضة وأجد صعوبة حتى في تصنيفها!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال