الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية قبل أيام تعديلات على أنظمة الارتدادات القائمة للمباني السكنية من نوع الفلل بهدف استفادة أعظم للأراضي الصغيرة. وتركزت التعديلات في ثلاثة:
أولا زيادة الحد الأقصى لنسبة البناء في الدور الأرضي من 60% إلى 70% من مساحة الأرض للفلل.
ثانيا السماح بالبناء بالارتدادات جهة المجاورين فقط بحد أقصى جهتين بالنسبة للفلل المنفصلة، فيما يُسمح بالبناء بارتداد واحد إضافي جهة المجاورين بالنسبة للفلل (الدوبلكس) المتلاصقة.
ثالثا السماح بتلاصق الملحق الخارجي بالمبنى.
ومتوقع أن تعمل الوزارة على تطوير حلول وبدائل يستفاد منها للأوضاع القائمة.
هذه التعديلات تصب في صالح استغلال أمثل للأراضي السكنية. وكانت ضمن النقاط التي تعرضت إليها في مقال لي بعنوان “أوضاع سوق العقار الإسكاني” منشور في قبل عام تقريبا وتحديدا في 23 اكتوبر 2017.
https://www.maaal.com/archives/20171023/98218
جاءت هذه التعديلات في وقت يعاني فيه السوق من ضعف. وفي تفسير هذا الضعف، يركز أو يحصر البعض الأمر في ارتفاع أسعار الأراضي. هي مرتفعة لا شك في ذلك. لكن هذا الارتفاع ليس هو السبب الوحيد، بل هو واحد من جملة أسباب وراء ضعف السوق كله العقاري وغير العقاري.
من يختار عاملا ويركز عليه في التفسير ويرفض أو يتجاهل ما عداه فهو صاحب هوى. وما أكثر الذين يتحدثون عن قضايا سواء في الاقتصاد أو غير الاقتصاد والهوى يقودهم فيما يتحدثون عنه. وقد سبق أن كتبت مقالا عنوانه أسعار العقار بين مرجفين ومطبلين نشر في 5/2/2017
https://www.maaal.com/archives/20170205/86736
متوقع أن تعديلات وزارة الشؤون البلدية ستضغط تجاه خفض بسيط إضافي في أسعار قطع الأراضي الكبيرة لأنها ستقلل مجموع الطلب عليها لصالح القطع الصغيرة. لكن من يتوقعون نزولا كبيرا عن أسعار اليوم مطلع 1440 هـ في أسعار الأراضي السكنية الصالحة فورا للبناء والسكن من يتوقعون ذلك، وفي الوقت نفسه يتوقعون تحسن الاقتصاد ونموه فهم مخطئون. يخلطون بين فهم الأوضاع بمختلف جوانبها، وفهمها من الجانب الذي تهواه الأنفس. من أحدث الأمثلة ما نشره البعض عن انخفاض أسعار العقار في مؤشر نايت فرانك Knight Frank’s Global House Price Index . لكنهم لم يذكروا جهلا أو عمدا خبرا له علاقة مباشرة، وهو أن الاقتصاد السعودي كان أيضا الأقل نموا العام الماضي مقارنة باقتصاديات اخرى. المصدر https://stats.oecd.org/index.aspx?queryid=33940
إن نسبة سعر الأرض إلى سعر المسكن تزيد مع ازدياد حجم المدن على مستوى العالم. وهذا يعني غلاء الأراضي داخل المدن الكبيرة في مختلف الدول، بما في الدول المتطورة ذات الكثافة السكانية المنخفضة (استراليا مثال). متوسط مساحات أراضي الوحدات السكنية في مدنها الكبيرة أقل من 500 م2. والمعلومات متاحة لمن أراد أن يتأكد. من أهم الأسباب أن تكاليف التطوير وتوفير المرافق والخدمات للسكان مرتفعة أصلا، وتتطلب إنشاء وتشغيلا موارد مالية هائلة ووقتا طويلا، خلاف ضريبة الملكية. وأيضا تزيد تكاليف الحياة المعيشية والتطوير وتوفير المرافق وتشغيلها وصيانتها للفرد أو المتر المربع مع توسع المدن وزيادة سكانها. بالمقابل، لوحظ أن الأجور لا تزيد بنفس مستوى زيادة التكاليف في المدن الكبيرة. وقد كانت هذه الموضوعات مجال دراسات في دول عديدة، ضمن تخصص اقتصاد التجمع أو التكتل economics of agglomeration.
متى يحصل نزول كبير كالثلث فأكثر عن أسعار اليوم؟
يحصل اذا حصل أحد أمرين: الأول أن ينكمش الاقتصاد انكماشا كبيرا. وعلامته فقدان مئات الآلا ف من المواطنين لوظائفهم. الثاني أن تطيح رغبات الناس في الدنيا ومتاعها. ونسألة سبحانه ألا يحصل الأول. أما الثاني فلن يحصل، لأن الناس محبون للدنيا والمال، هكذا خلقهم الله، قال سبحانه “وتحبون المال حبا جما” لم يستثن سبحانه طائفة من البشر من هذا الحب، ولم يربطه بوقت أو طائقة، بل هي صفة في كل وقت وفي عموم البشر.
ما الذي حصل خلال الأعوام الثلاثة الماضية؟
انخفضت أسعار النفط وتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد. ودخل الاقتصاد الوطني حقبة إصلاحات تقوم على مبدأ رفعه ولي العهد بقوة “لا لاستمرارنا مدمنين على دخل النفط”.
رفعت تلك الإصلاحات تكاليف الحياة. وغيرت من سلوك المستهلك السعودي تغييرا كبيرا. وظهرت أثارها في مختلف القطاعات والأنشطة والسلع ومنها العقار. وتبعا أعطى الناس اهتماما أقوى لترشيد الانفاق، وزيادة ضبط للسلوك الاستهلاكي.
ما سبق ومعه غلاء الأراضي غير في الرغبات العقارية الإسكانية. دفع تجاه الطلب على مساكن أصغر أرضا ومسطحات. وتبعا جاءت تعديلات وزارة الشؤون البلدية مسايرة لتغير الظروف والأحوال.
ما المقترح أخذا بعين النظر ما سبق؟
هذه مجموعة عوامل مساعدة على تسهيل تملك المساكن وتخفيف أعباء المعيشة:
• تركيز فرض رسوم الأراضي ليس على الأراضي أطراف المدن بل الأولوية على الأراضي البيضاء المطورة المخدومة داخل المدن، أي في الأحياء التي وصلها العمران وبها سكان. والفرض بالتدريج حسب اعتبارات كالقرب من مركز المدينة. وينبغي إعطاء أصحاب هذه الأراضي مهلة زمنية كافية للتطوير والبناء أو البيع أو تفرض عليها زكاة أو رسوم. وهناك أراض عليها مشكلات أو لها ظروف خاصة. وهذه يجب العمل على ضبطها ووضع ترتيبات لها في أقرب وقت.
• بناء نظام حوافز وادخار إسكاني يساعد على توفير جزء كبير مما يسمى الدفعة المقدمة. وهذا النظام ليس بجديد حيث تطبقه شركات ودول.
• تشجيع بناء ما يسمى تاون هاوس على مساحات صغير نسبيا، تسهل على كثيرين تملك مساكن تقارب نصف سعر فلة، ولكنها أنسب من شقة، وبأقساط مناسبة لدخولهم.
• زيادة الاهتمام بتطوير المحافظات والمدن الصغيرة بما يزيد من الرغبة في العيش فيها وما يتبع ذلك من توفر فرص عمل وغيره.
• التوسع في توفير النقل العام داخل المدن، وبين المدن والمحافظات القريبة منها، بما يتيح للساكنين في تلك المحافظات وسيلة مريحة ورخيصة للذهاب والإياب يوميا بين المحافظات والمدن. هذا الأسلوب تعمل به مدن كبيرة كثيرة في العالم. والسبب الأول غلاء السكن والمعيشة في المدن الكبيرة.
• الاستفادة القصوى في تنويع الخيارات والمساحات بناء على التعديلات التي أقرتها قبل أيام وزارة الشؤون البلدية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال