الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهد القرن التاسع عشر تسارع في العمليات الصناعية واعتمادها على نطاق واسع. في بداية القرن، كانت الثورة الصناعية في منتصف طريقها، وبحلول النهاية تم تطوير السيارة وعلى وشك إثبات الطيران باستخدام الوقود مع تطور تقنية المحركات. كان التأثير على حياة البشر ضخمًا، من حيث القواعد الاجتماعية والاقتصادية التي تحكم السفر، والرعاية الصحية، والتصنيع، وبيئات العمل، والحياة المنزلية.
في القرن العشرين تكررت هذه العملية مع ثورة التكنولوجيا، ولكن بمعدل أسرع بكثير. انتقلت التكنولوجيا من المعمل ومعهد البحوث إلى المنزل. كانت العوالم الجديدة للإلكترونيات والاتصالات والأتمتة والحوسبة هي القوى المحركة، بدلاً من الأنظمة الميكانيكية في القرن السابق. في أوائل القرن العشرين، لم تكن هناك هواتف تقريبًا، ولكن في فجر الألفية الجديدة أصبحت الهواتف المحمولة أمام ناظرنا يومياً؛ وأجهزة الكمبيوتر لم تكن معروفة تقريباً منذ مائة عام، لكنها الآن أصبحت على كل مكتب وبأشكال وأحجام مختلفة.
نحن الآن على أعتاب تحول تكنولوجي جديد ذو أهمية كبيرة. هذا التحول هو (ثورة الروبوتات). ستضع هذه الثورة القرن الحادي والعشرين في مركز محوري في التاريخ. والأهم من ذلك أنه سيؤثر بشكل لا رجعة فيه على جميع حياتنا وحياة الأجيال القادمة. وتطور التكنولوجيا هي واحدة من الأسباب وراء هذا التحول. نحن نشهد صعود الأتمتة والروبوتات في العديد من القطاعات الصناعية. وببساطة بدأت الآن بعض المطاعم تستخدم الروبوتات لتوصيل الطعام وتنشر أكشاكًا ذاتية الطلب للعملاء. وهناك سيارات بدون سائق أصبحنا نراها في بعض الدول. ولدى شركة أمازون الآن حوالي 15 ألف رجل آلي يعمل باستمرار دون توقف.
في الحقيقة عدد الروبوتات الصناعية آخذ في الارتفاع. في عام 2013م، كان هناك 1.2 مليون روبوت في المصانع والمستودعات. وارتفع العدد الإجمالي إلى 1.5 مليون في عام 2014م، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 1.9 مليون العام المقبل. اليابان تقود الطريق في استخدام الروبوتات الصناعية مع أكثر من 306 ألف روبوت مستخدم، مقارنة بـ 237 ألف في أمريكا الشمالية، و 182 ألف في الصين، و 175 ألف في كل من كوريا الجنوبية وألمانيا.
أصبحت الروبوتات تثير المخاوف فهي أكثر تطوراً ومهارة في أداء المهام المعقدة. واتضح فارق التكلفة مع البشر لصالح الروبوتات. وتبلغ تقديرات التوفير في تكاليف العمالة في مختلف البلدان من خلال الأتمتة والروبوتات حوالي 16 في المائة في الدول الصناعية. لكن أماكن مثل كوريا الجنوبية شهدت وفورات في التكاليف بنسبة 33 بالمائة، وقد شهدت اليابان وفورات بنسبة 25 بالمائة. ويعني تقارب هذه التطورات أن الروبوتات تساعد في زيادة الناتج الإجمالي وتوفير المال، ولكن لا تساعد على إضافة الوظائف، وهذا ما يقلقنا جميعاً.
وبطبيعة الحال، فإن المخاوف من البطالة التكنولوجية ليست جديدة. ففي بريطانيا بين عام 1811م و 1816م دمر عمال النسيج آلات النسيج التي كانوا يعتقدون أنها ستحل محلهم في الإنتاج. فالبعض يقول أن اللجوء للروبوتات لن يسبب في المستقبل القريب تزايد البطالة فحسب، ولكنه في نهاية المطاف لن يبقى سوى عدد قليل من الوظائف. أن معظم فرص العمل على مدى العقد القادم سوف تأتي في الرعاية الصحية والخدمات المهنية. في الواقع وبحسب الإحصائيات أنه بحلول عام 2022م، من المتوقع انخفاض الوظائف الصناعية.
لكن برأيي أن إدخال الروبوتات إلى عمليات التصنيع سيخلق عدداً من الوظائف بدلاً من أن يقتلها. مع الأخذ بالاعتبار أنه يجب أن يكون هناك بعضاً من التعديلات المستقبلية على ممارساتنا بسبب التغيرات. وهذا يعني أن المدارس بحاجة إلى إعادة هيكلة مناهجها الدراسية حتى يحصل الطلاب على تدريب أفضل في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. يقول (آرون سونداراراجان)؛ وهو أستاذ في مدرسة ستيرن لإدارة الأعمال، في جامعة نيويورك: “أنه حتى مع تقلص أو اختفاء الصناعات القديمة، تنشأ وتتوسع صناعات جديدة تلبي الرغبات والاحتياجات البشرية المختلفة”. وبذلك سيكون هناك حاجة ماسة للموظفين الذين لديهم مهارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة مثل محللي النظم ومطوري البرامج والاستشارات التكنولوجية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال