الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل أسبوع كنت في رحلة داخلية من مطار الرياض إلى مطار الملك فهد في الدمام، وقبلها كنت في رحلات داخلية بين عدد من المطارات .. في الحقيقة أن الفرق بالطبع شاسع بين المطارين المذكورين وبقية المطارات المحلية، حيث يمكن ملاحظة مظاهر التجديد والابتكار في المرافق والخدمات فيهما.
كلمة السر برأيي هو توجه الدولة الموفق نحو تحرير مطاري الرياض والدمام من قبضة البيروقراطية الحكومية وتسليمه لفكر القطاع الخاص، حيث تم إنشاء شركة مطارات الرياض لإدارة وتشغيل مطار العاصمة (مطار الملك خالد)، فيما تدير شركة مطارات الدمام مطار الملك فهد.
وحتى ننسب الفضل لأهله، يجب الإشارة لجهود وزير النقل السابق معالي المهندس سليمان الحمدان في إشرافه على خطط خصخصة هذا القطاع، وهي خطط لم تكتمل بعد، إذ يبدو أن هناك عدم استقرار لهذا الوليد الجديد، حيث لاحظت من خلال المتابعة لهذا القطاع التغيير السريع في مجالس إدارات وقيادات تنفيذية وخصوصا في مطارات الرياض التي مر عليها في أقل من عامين أربع مجالس إدارات و3 رؤساء تنفيذيين!
هذا بالطبع يثير لدي كثير من الفضول، خاصة إذا عرفت أن معظم هؤلاء جاؤوا بخلفية القطاع الخاص، لكنهم لا يستمرون، وهذا – في رأيي – مؤشر سلبي وخطير على خطط خصخصة هذا القطاع، ويدعو للتساؤل عن السبب الذي يدفعهم للمغادرة، خلال فترة قصيرة.
هنا استذكر قول المفكر والوزير الراحل د. غازي القصيبي في كتابه “حياة في الإدارة” إن البيروقراطية إذا لم تُلجم، خنقت المواطن العادي المسكين. وأنا أرى أن البيروقراطية (من هذا النوع) إذا لم تلجم خنقت كل مشاريعنا في التحول والتغيير، لذا لا أرى أن تترك عمليات خطط وتنفيذ ومراقبة التخصيص إلى نفس الأجهزة الحكومية التي كانت تتولى إدارة وتشغيل هذه المرافق لسنوات طويلة، ولم تقدم ما نطمح إليه، وأقترح في هذا الإطار أن تضطلع أجهزة مهمة في الدولة وأهمها مجلس الاقتصاد والتنمية بدور مباشر في متابعة سير مشاريع الخصخصة، والتأكد من أنها لا تواجه بمقاومة أو منافسة من قبل المرافق الحكومية المرتبطة بهذه المشاريع، لأن ذلك داء يحتاج للعلاج بالفعل.
وحول موضوع خصخصة المطارات، اعتقد أن مجيء معالي الدكتور نبيل العامودي وزيراً للنقل، وهو إبن مدرسة ارامكو العملاقة، فرصة كبيرة لأن يضع بصمته التي سيذكرها التاريخ في إنجاز مشروع خصخصة قطاع ظل يئن من التردي والتراجع والشكوى، ورعاية هذا المشروع وحمايته من حمى المقاومة البيروقراطية.
جدير بالانتباه أيضا، مراجعة أداء الشركات التي تم خصصتها في قطاع المطارات، ومقارنة أدائها بما سبق، من حيث القوائم المالية، وفرص العمل التي خلقتها، والاستثمارات التي جلبتها لكيانتها الجديدة. وأنا هنا أشدد على الحديث المباشر إلى المسؤولين عن هذه الشركات، والاستماع لهم، وليس عبر ما تقدمه بعض الأجهزة الحكومية التي كانت يوماً هي من يدير ويشغل هذا القطاع.
صندوق الاستثمارات العامة بقيادة معالي الأستاذ ياسر الرميان، يمكن أن يكون له أيضا دور مباشر في تقييم أداء هذه الشركات، لاسيما أن الصندوق هو الأكثر خبرة وكفاءة في تقييم جدوى العوائد الاقتصادية لهذه الشركات، والتأكد من أنها تسير في الطريق الصحيح لتستقل بمواردها ومداخيلها، وحتى لا تكون عبئاً على كاهل الدولة.
ونحن نعلم أن رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، هي رؤية وطن طموح، يرعاها بشكل مباشر سمو ولي العهد، وليس هناك مجال للتهاون أو التراخي في طريق تحقيق التغيير الذي سينقلنا بلا شك إلى آفاق أرحب، وهنا يجب أن ترتقي جميع أجهزة الدولة إلى تطلعات القيادة، وتنفيذ خططها في هذا المشروع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال