الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن علم الاقتصاد يمكن أن يكشف الكثير من القضايا اليومية المعقدة. فلا ينبغي أن تقتصر قراءة علم الاقتصاد على الخبراء فحسب، فهذا العلم على جانب كبير من الأهمية والمتعة.
ظن بعض الناس أن علم الاقتصاد علم كئيب، كما وصفه توماس كارليل منذ أكثر من مائة عام، وهذا لأنه على حد قوله – يبدو ممّلاً ومبهماً ويفتقر إلى التشويق، ويعرض الأمرين دون اختيار أحدهما، وتتكرر به عبارة ((من جهة ما)) ((ومن جهة أخرى)).
ولذلك ذكر هاري ترومان أنه لتجنب الغموض والالتباس ينبغي تعيين مستشارين اقتصاديين ذوي وجهة واحدة.
في الواقع كان يدور في ذهن كارليل فكر مختلف حين استخدم هذا التعبير. فما أراد أن يذهب إليه كارليل هو أن الندرة متغلغلة في شتى جوانب الحياة، أي أننا علينا الاختيار بين إشباع رغبات متبارية، مثل الاختيار بين الإنفاق اليوم والإنفاق غداً. وكذلك الاختيار بين القيم والأهداف المتضاربة.
وبالفعل يعتقد كثير من الناس أن علم الاقتصاد والمشتغلين به ثقيلو الظل من الناحية الاجتماعية، أي أنهم فاترو الإحساس تماماً.
فهناك من يذهب إلى تعريف رجل الاقتصاد بأنه: شخص يجيد التكلم بلغة الأرقام، ولكن ليس لديه المقومات الشخصية التي تؤهله ليصبح محاسباً.
وسادت تلك الفكرة المعتمة عن رجال الاقتصاد؛ بسبب ميلهم للاستخدام المفرط للرياضيات والرسوم البيانية المحيرة دائماً في كتاباتهم في كثير من الأحيان في الاعتراف بما يجهلونه.
إذن . لماذا يستهزئ بعض الناس بعلم الاقتصاد؟!
ولماذا يتجهم الطلاب عندما يتحتم عليهم دراسة علم الاقتصاد كفرع من فروع المعرفة؟!
أعتقد أن الأسباب تكمن في أن معظم الكتابات الاقتصادية لا تُصاغ بصورة جيدة، بل وتستند على التلاعب بمسائل الرياضيات والرسوم البيانية المعقدة.
بالإضافة إلى أن هناك القلائل من خبراء الاقتصاد ممن يستطيعون توصيل مدى التشويق الكبير الذي ينطوي عليه تحليل المفاهيم الاقتصادية أو إيضاح مدى ارتباطها بحياتنا اليومية.
في الواقع، إنَّ علم الاقتصاد أكثر صعوبة من العلوم الطبيعية؛ لأنه من غير الممكن إخضاع الظواهر الاقتصادية للتجارب المعملية المحكمة، ولأن سلوك الأفراد لا يمكن التنبؤ به، لذلك، جذب الاقتصاد السلوكي وهو فرع من فروع الاقتصاد، انتباه الكثيرين، وذلك لأنه يربط بين أفكار علماء النفس ورجال الاقتصاد.
بَيْدَ أننا ما زلنا عاجزين عن التنبؤ بسلوكيات الأفراد بأية درجة من الدقة. فنحن نعرف أن السلوك الفردي تحركه الدوافع كما نعرف أن الضوابط المنطقية تحكم الأنشطة الاقتصادية.
وقد تكون العلوم الاقتصادية لا تتمتع بقدر كبير من الدقة، بَيْدَ أنها تؤثر تأثيراً مباشراً على حياتنا، كما أنها تؤدي دوراً مهماً في وضع السياسات. فلا غرابة إذا كان شعار بعض الناخبين ((الاقتصاد هو المهم)).
ويسود تأثير خبراء الاقتصاد تأثيراً متزايداً في مجالات الأعمال التجارية والأوساط المالية. كما يؤثر الاقتصاديون على عدد من القرارات التجارية، فكثير من شركات ومؤسسات الاستشارات الاقتصادية تستعين بالاقتصاديين في المهام التجارية، بدءاً من التخطيط الاقتصادي وحتى مراقبة المخزون.
والحقيقة هي أن التحليل الاقتصادي مفيد للغاية بالنسبة للمستثمرين والمنتجين وكذلك واضعي السياسات الحكومية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال