الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قال معالي وزير العمل المهندس أحمد الراجحي في لقاءه التلفزيوني ، أن الوزارة تقدم بشكل عاجل ومباشر تسع تأشيرات عمل لرواد الأعمال لتسهيل دخولهم سوق العمل الحر ، وتحولهم من طالبي عمل إلى أصحاب عمل ومشغلين ، ضمن برامج تحفيز القطاع الخاص للتوطين . وتحول طالبي العمل إلى مشغلين من النظريات التي يؤمن بها معاليه قبل توليه الوزارة ، ولا شك أنها نظرية جميلة ، وفكرة رائدة في دعم حل مشكلة البطالة .
رغم تحفظي الشديد على مسمى ريادة الأعمال بالصيغة التي تعتمده المؤسسات الرسمية ، ومع عدم وضوحه ، إلا أنني أؤيد كل ما يقدم لتلك الفئة من رجال الأعمال الشباب من دعم ومساندة لتسهيل طريقهم، لكن ليس بما يعيد سوق العمل السعودي إلى نقطة الصفر التي انطلق منها ، ولم يتجاوزها كثيرا .
فالخدمة السابقة رغم ما فيها من تسهيل لرجال الأعمال الشباب ، وتسريع لأعمالهم إلا أنها تكريس لمشاكل قديمة وخطيرة تسعى الحكومة وفي مقدمتها وزارة العمل لحلها ولم تستطع حتى الأن .
فدخول ألف شاب سعودي لسوق العمل بصفتهم أصحاب أعمال يعني دخول 9 آلاف وافد بصفتهم موظفين عندهم ، وتزداد أعداد العمالة الوافدة الداخلة لسوق العمل مع تزايد أعداد الأعمال التي يتم افتتاحها بنسبة 9:1 . ونحن هنا نتحدث عن أعمال صغيرة جدا ، وليست أعمال كبيرة . فإذا وصل عدد الداخلين السعوديين لسوق العمل بتلك الصفة إلى 50 ألف شاب يعني أن العمالة الوافدة زادت بمقدار 450 ألف عامل كحد أدنى .
ولا أظن هذه النسبة في التوظيف عادلة للاقتصاد السعودي أبدا ، وتحديدا في المشاريع الصغيرة . قد تكون مقبولة في حالة التوظيف الكامل وحاجة الاقتصاد للتوسع ولمزيد من الأيدي العاملة ، وعندما تصل البطالة للحد الأدنى عالميا أي أقل من 4٪ ، أما في الوضع الذي نعيشه فإن هذه الخدمة تستنزف الاقتصاد أكثر مما تخدم رواد الأعمال .
التستر المشكلة الثانية بل الكارثة التي تعصف بالاقتصاد السعودي ، وستعمل هذه الخدمة المقدمة لرواد الأعمال علي ترسيخها . التستر يعيق كل الحلول المتعلقة بالبطالة والتحويلات ورفع جودة السلع والخدمات وكثير من الجرائم التجارية والمالية . ومن تجاربنا الطويلة السابقة أن العمالة الوافدة في المنشآت الصغيرة تضغط على صاحب العمل السعودي للدخول معه كشركاء بتولي العمل وإعطاءه نسبة مقابل الاسم ورأس المال . وكثيرا ما يغري أصحاب العمل ذلك العرض للتخلص من تحمل المسؤولية وجهد متابعة العمل ، وربما للتخلص من التلاعب الذي تمارسه العمالة، لذلك يتحول صاحب العمل السعودي إلى متستر .
أخيرا ، هل سيؤدي هذا القرار بهذه الصفة إلى المساهمة في حل مشكلة البطالة ؟؟ أشك في ذلك. أولا هذه الميزة مقدمة لرواد الأعمال الشباب أي المشاريع الصغيرة ، ومن يوظف تسعة موظفين غير سعوديين بأجور متدنية جدا لن يفكر بتوظيف سعودي واحد ، بل لن يكون بحاجته. أي أن ذلك التنازل الكبير من وزارة العمل لا يقابله عائد موازي للاقتصاد وتحديدا توظيف السعوديين.
ثانيا للأسباب السابقة، سترتفع دخول العمالة الوافدة للمملكة بنسب كبيرة ، خصوصا إذا أضفنا لها بعض تسهيلات الاستقدام التي شملها برنامج التحفيز للقطاع الخاص . وذلك يعني صعوبة دخول الشباب السعودي لسوق العمل ، والواقع يشهد بذلك .
فكيف نعمل من جانب على إخراج العمالة الوافدة التي تستولي على معظم المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟؟؟؟ ومن جانب أخر نعمل على تسهيل دخول عمالة أخرى لنفس القطاع ؟؟!!! كل ما نفعله أننا نستبدل عمالة ماهرة دربناها بعمالة غير ماهرة وغير مدربة ، لنعود من نقطة الصفر مرة أخرى .
لو أن وزارة العمل والوزارات ذات العلاقة ، وبرامج حاضنات الأعمال ، وكل البرامج الداعمة لرواد الأعمال التي شملتها رؤية 2030 ، لو أنها ركزت على تكوين فرق عمل من الشباب السعودي ، بحيث يوظف المشروع الواحد عددا من الشباب ، وتعطى كل الدعم المالي والتنظيمي واللوجستي ؛ فسوف يؤدي هذا الإجراء إلى رفع نسبة التوظيف في المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى أقصى حد ممكن ، وخفض الحاجة للعمالة الوافدة إلى أقل قدر ممكن . وبذلك تتحقق عدة أهداف في وقت واحد في مقدمتها خفض نسبة البطالة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال