الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حين نستعرض قصص النّجاح للدّول التي وصلت إلى المراكز المتقدّمة في تحقيق الازدهار الاقتصادي و التّنموي نجد أنّ القطاع الصّناعي كان ركيزة أساسيّة في برامج التحوّل التي طبّقتها تلك الدّول ؛ و ذلك لما للصّناعة من تأثير جوهري و شامل في تحقيق التّنمية المستدامة.
و لمّا كانت الصّناعة بهذه الأهميّة حريّ بنا أن نراجع حال المنشآت الصّناعيّة في المملكة منذ تدشين رؤيتنا المباركة (عشرين ثلاثين) و نصحّح مايلزم في سبيل تحقيق مستهدفات رؤيتنا. في هذه المقال نستعرض باختصار واقع المنشآت و المشاريع الصّناعيّة من جهة ؛ و من جهة أخرى نتناول أبرز المبادرات التي تضمّنتها الرّؤية لخدمة الصّناعة.
تعاني المنشآت الصّناعيّة منذ أكثر من عاميين و يشهد معظم قطاعاتها – باستثناء قطاع البتروكيماويّات – تراجعا في الأداء و ربّما وصل حال كثير منها إلى صراع من أجل البقاء. بالنّسبة للشّركات الصّناعيّة المدرجة في موقع تداول فإنّ البيانات الماليّة للشّركات الصّناعيّة تؤكد بوضوح التّراجع الكبير في الإيرادات و ارتفاع المصروفات والّذي أدّى بدوره إلى انخفاض الأرباح و تحقيق بعضها خسائر غير مسبوقة. أمّا الشّركات الصّناعيّة غير المدرجة فالكثير منها يحقّق خسائر تصل إلى حدّ الوصول لحالة الإفلاس و أمّا المشروعات الصّناعيّة التي لاتزال تحت التّأسيس فأكثرها متأخّر في جداول التّنفيذ و الكثير منها متوقّف كلّيا أو جزئيا .
هذا التعثّر المشاهد له مسبّباته و التي يأتي في مقدّمتها التّراجع الحادّ في حجم المشروعات الحكوميّة الجديدة مقارنة بالسّنوات السّابقة التي كانت تنعم فيه المصانع بإنفاق حكومي سخيّ على المشاريع فكانت المشروعات الحكوميّة (و شبه الحكوميّة) الرّافد الرّئيسي لإيرادات أكثر المصانع سواء كإيرادات مباشرة أو غير مباشرة. تزامن تراجع الإيرادات مع زيادة الرّسوم على العمالة الوافدة و رفع أسعار خدمات الطّاقة و ارتفاع تكلفة التّمويل (بسبب رفع سعر الفائدة) كلّ ذلك أدّى لارتفاع تكاليف التّشغيل.
هل أهملت الرؤّية قطاع الصّناعة؟ قطعا لم يحصل هذا بل العكس تماما هو الصّحيح؛ فقد تضمّنت الرّؤية مسارات رئيسة و العديد من المبادرات التي تصبّ في خدمة الصّناعة و تمهّد لها الطّريق للازدهار و النّجاح.
وحدة المحتوى المحلّي أحد أهمّ الخطوات في هذا المسار فهي تعنى بضمان توجيه أكبر جزء ممكن من موازنة مشاريع الدّولة ليتمّ تنفيذها من قبل المصانع المحليّة فالقطاعات العسكرية – على سبيل المثال – تستهدف الوصول إلى رفع نسبة المحتوى المحلّي إلى نسبة خمسين بالمئة من حجم المشاريع.
كما أقرّت الدّولة وفٌّقها الله حزمة من الدّعم للاقتصاد الدّاخلي حدّد باثنين و سبعين مليار ريال و ذلك يدعم القطاع الصّناعي بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أنّ القطاعات المساندة للصّناعة تشهد هيكلة واسعة لتخدم القطاع الصّناعي يشمل ذلك على سبيل المثال لا الحصر إعادة الهيكلة في وزارة الصّناعة و الصّندوق الصّناعي وهيئة المدن الصّناعيّة. و من البشائر التي سعد بها القطاع الصّناعي مؤخّرا الاستثمار الضّخم القادم في قطاع الإمداد (القطاع اللّوجستي).
أين الخلل إذا؟ و لماذا لم تنعكس مبادرات الرّؤية و برامجها على أداءالمنشآت الصّناعيّة (سواء القائمة أو التي تحت الإنشاء)؟
هل مشكلة قطاع الصّناعة داخليّة؟! فهل نفتقر في المملكة – مثلا – إلى الكوادر القياديّة الصّناعيّة التي يعتمد عليها لتطوير الصّناعة في المملكة بمايتماشى مع أهداف الرّؤية؟
تشرّفت قبل قرابة العام الكامل بالانضمام لمنصة ملتقى للصّناعيّين و هي منصّة تطوعيّة رئيسها الفخري صاحب السموّ الملكي الأمير فهد بن أحمد بن عبدالعزيز حفظه الله. استقطبت هذه المنصّة صفوة الخبراء السّعوديّين في القطاع الصّناعي و القطاعات المساندة له و يناقش أعضاؤها باستفاضة هموم القطاع الصّناعي على أسس علميّة و موضوعيّة و أستطيع أن أؤّكد من خلال ماشهدت عليه مايلي:
أوّلا: ننعم بحمد الله في القطاع الصّناعي بعدد كبير من أصحاب الخبرات المتميّزة و المتنوّعة و لدينا قيادات صناعيّة لها سجلّ حافل بالمنجزات مسلحّون بالتّأهيل العلمي و العملي في كافّة جوانب الصّناعة و القطاعات المكمّلة لها.
ثانيا : قادة القطاع الصّناعيّ فخورون بالرؤّية و برامجها و مبادراتها و يرونها رؤية طموحة طال انتظارها.
أهمّ رسالة يرفعها الصنّاع لقيادة الرّؤية أنّ برامج الرّؤية على المدى الطّويل تصبّ في صالح قطاع الصّناعة بلا شك؛ لكنّ القطاع في المنظور القريب تأثّر سلبا بالظّروف المصاحبة لتدشين الرّؤية و ماتمّ تنفيذه من مبادراتها إلى الآن و إنّ الجوانب التحفّيزيّة و التّطويريّة التي تخدم قطاع الصّناعة لم يصل نفعها بعد لمعظم المنشآت والمشروعات الصانعيّة السّعوديّة.
لذلك فإنّ التّحديّ الكبير و الخطير الّذي يواجه قطاع الصّناعة هو عامل الوقت و خير من عبّر عنه قائد الرّؤية ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان حفظه الله حين كرّر في أكثر من مناسبة “إنّني على عجلة من أمري و أخاف أن أموت قبل أن أحقّق مايدور في ذهني لخدمة وطني”.
فصراعنا مع الوقت هو من سيحدّد هل صناعتنا إلى الاحتضار أقرب أم إلى الازدهار؛ لذلك يهيب الصّناعيّيون بتكاتف الجهود لتسريع وتيرة الإنجاز و التّكامل و التّنسيق بين برامج الرّؤية و مبادراتها المرتبطة بالصّناعة و متى ماتحقّق ذلك سوف تتمكّن المنشآت و المشروعات الصّناعيّة من الاستفادة من طموح الرّؤية و برامجها وتحقّق أهداف الازدهار المنشود بإذن الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال