الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الكبار أحلامهم عظيمة..
هكذا هي المملكة العربية السعودية، وهؤلاء هم قادتها دائما. فمن بنو القارة السعودية، يحق لهم أن يحلموا ببناء الشرق الأوسط بأكمله، ليس من خلال السيطرة بالجيوش والميليشيات والإرهاب وسياسة التفريق كما يفعل الواهمون، بل بالسلام والتنمية والرخاء والرفاه والاقتصاد القوي لكل الشعوب. ذلك الحلم الذي أطلقه سمو ولي العهد محمد بن سلمان في مؤتمر دافوس الصحراء، هل يمكن تحققه؟
الفساد والخلافات والحروب والإرهاب استنزفت مقدرات الشرق الأوسط، ومنعت معظم دوله من التقدم والنمو ومسايرة دول العالم المتحضر. كما منعت تحالف تلك الدول للاستفادة من الإمكانيات المشتركة بينها، بما يؤدي إلى قوة اقتصادية وسياسية كبيرة تضاهي أوروبا كما ذكر سمو ولي العهد .
الشرق الأوسط يقع في قلب العالم، ويتحكم في أهم المسارات الجوية والبحرية والبرية، ويربط ثلاث قارات ببعضها. تمثل مساحتها 4.83٪ من مساحة اليابسة في العالم بإجمالي 7.194.372 كم مربع ، وعدد السكان يفوق 400 مليون نسمة، والشباب يمثلون النسبة الأكبر منهم.
يتحكم الشرق الأوسط في أهم مصادر النفط والغاز، ويعد من أغنى مناطق العالم بالمعادن، كم أنه يمثل أهم مصادر الطاقة المتجددة خصوصا الطاقة الشمسية. ويمتلك مساحات شاسعة من المناطق الزراعية. وتضم أراضيه أهم المواقع التاريخية والدينية والإنسانية والتراثية، ويمثل التنوع البيئي الكبير جدا الذي يتميز به الشرق الأوسط مصدرا مهما من أهم مصادر السياحة في العالم. ودولتان من دول الشرق الأوسط ضمن مجموعة العشرين الكبرى في العالم، تركيا والسعودية، وتستحوذ المنطقة على 4٪ على الأقل من اقتصاد العالم .
الإمكانيات التي يتمتع بها الشرق الأوسط كثيرة وكبيرة، لكن المعوقات التي تمنع شعوبها من الاستفادة من تلك المقومات أكبر وأكثر، ومعقدة جدا . يأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية أساس كل المشاكل التي تعيشها المنطقة، ومالم يتم حلها بما يضمن الحقوق الفلسطينية؛ فلن يتحقق أي سلام في المنطقة ولن تتحقق بذلك أي تنمية مشتركة على غرار أوروبا .
وبعض دول ومنظمات المنطقة يهمها أن تظل القضية الفلسطينية عالقة دون حل لأنهم يعتمدون عليها في تغذية الكراهية بين الشعوب؛ لضمان بقاء أنظمتهم الهشة التي لولا تلك الخلافات والصراعات لما استطاعت البقاء ليوم واحد.
تدرك المملكة العربية السعودية وكل الدول التي حققت مستويات عالية من التنمية خلال العقود الثلاثين الماضية، أن بقاء الشرق الأوسط في دائرة الصراعات المستمرة يستنزفها من جانب ولن يسمح لها بمستويات أعلى من النمو من جانب أخر؛ لذلك تحرص تلك الدول على إنهاء تلك الصراعات وتحقيق السلام لكل الدول والشعوب في المنطقة ، والعمل على التنسيق والتعاون والتكامل السياسي والاقتصادي بما يخدم الجميع .
إذا تحقق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط واستطاعت حكوماته أن تصل لدرجة معقولة من التنسيق والتعاون فيما بينها؛ فإنها ستنقل شعوبها إلى مستويات عالية من التنمية والرفاه، وستتفوق قطعا دول شرق أسيا، وقد تقترب من الدول الأوروبية فعلا، بما تمتلكه من مزايا كبيرة.
أول ما يتحقق من ذلك السلام إيقاف النزيف البشري والمالي الضخم الذي أنهك شعوب وحكومات المنطقة سنين طويلة، وإيقاف هجرة العقول والقوى البشرية الماهرة. ثم خفض تكلفة التنمية في كل بلد، من خلال الوفرة المالية التي سيحققها السلام، ومن خلال خفض فواتير التنمية نتيجة خفض كثير من التكاليف مثل التأمين والنقل وحركة رؤوس الأموال والقوى العاملة، وزيادة درجة المنافسة بين الشركات لدخول أسواق المنطقة ، ما يعني خلق فرص وظيفية كبيرة.
ومن أهم نتائج التعاون بين دول المنطقة تسهيل حركة القوى العاملة ورؤوس الأموال ، وبذلك تستطيع كل دولة الاستفادة من كامل مقدراتها بناء على مزاياها النسبية التي تمتلكها ، ما يعني زيادة فرص رواد الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والقوي العاملة من إيجاد مكان لهم في منطقتهم وتنميتها. لكن الجائزة الأكبر لذلك التعاون هي تكوّن كتلة اقتصادية وسياسية ضخمة، تمتلك كل مقومات القوة بما يجعلها واجهة العالم وقبلته .
وإن تحقق السلام والتعاون والتنمية بين دول الشرق الأوسط ، فإن نصيب المملكة العربية السعودية من كل ذلك نصيب الأسد. فما تملكه من مكانة تاريخية وسياسية واقتصادية وجغرافية يجعلها القلب المحرك للتنمية فيها، وستصبح “نيوم” عاصمة دول المنطقة الاقتصادية. وكما هو الاقتصاد السعودي الأن من أهم محركات الاقتصاد العالمي سيصبح بذلك التعاون قائدا للاقتصاد في الشرق الأوسط .
لكن وهنا أقولها بواقعية كاملة ، لا يجب أن نفرط كثيرا في التفاؤل . فالمعوقات السياسية من داخل المنطقة وخارجها كبيرة جدا، بحيث تجعل أمل تحقق ذلك السلام ضئيلا. وتحديدا من الأنظمة والحكومات والمنظمات التي بقاءها مرتبط باستمرار الصراعات والنزاعات والحروب والإرهاب بين دول وشعوب المنطقة .
كذلك الجهل والفقر والإرث التاريخي لشعوب المنطقة، من التحديات الكبيرة جدا التي ستعيق وبقوة استفادة الشرق الأوسط من مقدراته وإمكانياته والتعاون فيما بين دوله وتحقيق النمو الاقتصادي المشترك. فإي تنمية تنظر للمستقبل ليس من السهل عليها الاعتماد على ما تملكه المنطقة من تقنية وخبرات إدارية ومهارات عمالية .
مع كل ذلك هل تحقق همة الأمير الشاب المعتمد على الله ثم على عزيمة شعب جبار كما وصفه أن تحقق ذلك الحلم الصعب المنال جدا؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال