تخصيص الموارد المالية للشركة .. القرار الأهم

قرار شركة الطيار بيع حصتها في شركة ذاخر بمبلغ 377.4 مليون ريال حفزني ان اكتب مقالا عن أهمية تخصيص الموارد المالية في خلق قيمة، وقد غردت كثيرا حول هذا الموضوع الهام وتمنيت على شركة الطيار ان تخفض رأس مالها من خلال شراء 17 مليون سهم بسعر 22 ريال مقابل الأسهم التي أصدرتها 9 مليون سهم على سعر 83 ريال.

 ان كفاءة عملية تخصيص الموارد الماليه تعتمد على شقين توفر هذا الموارد واستخدامها كما هو واضح في الرسم التوضيحي رقم (1).

إن نجاح المدراء التنفيذيين ومجالس الإدارة تقاس بقدراتهم على تعظيم حقوق المساهمين وعلى الرغم من أهمية القيادة والمعرفة الفنية بطبيعة اعمال الشركه فان القدرة على تخصيص الموارد المالية أهم القررات التي تؤثر على حقوق المساهمين، المستثمر المشهور Warren Buffet  والذي يعتبر من انجح المدراء التنفيذيين في العصر الحديث، حيث يقوم بتفويض اعمال إدارة الشركات التي تقع تحت مظلة Berkshire Hathaway  الى مدرائها التنفيذيين ويركز دوره على الإجابة  على أهم سؤال يتعلق بخلق قيمة للمساهمين، وهو ما هي أكفأ طريقة لتوفير الموارد وكيفية  استخدام هذه الموارد بطريقة من شانها تعظم حقوق المساهمين .

الرسم التوضيحي رقم (1)

Henry Singelton former CEO of Teledyne1  حقق عائد مركب 42% سنويا خلال عشر سنوات من خلال استخدام اسهم الشركة كعملة، فعندما ترتفع اسهم الشركة في السوق الى اكثر من قيمتها الحقيقية يستخدم هذا الأسهم في عملية الاستحواذ وعندما تنخفض عن قيمها الحقيقه يقوم بشراء الأسهم ، بهذه الطريقة من تخصيص الموارد استطاع Henry  خلق قيمة للمساهمين في الشركة. كان بالإمكان لإدارة شركة الطيار ان تطبق هذا الاستراتيجية في تخصيص الموارد وفي الحقيقة قامت إدارة الشركة بتنفيذ الشق الأول بنجاح حينما أصدرت 9.65 مليون سهم بقيمة 83.3 ريال للسهم للاستحواذ على 30% من شركة ذاخر للاستثمار والتطوير العقاري وفي 8/10/2018 قامت الشركة ببيع حصتها بمبلغ 377.4 مليون ريال.

 ان شركة الطيار تستطيع استخدام هذا المبلغ في شراء 17 مليون سهم من اسهمها والتي تتداول بأقل من قيمتها الدفترية بسعر 22 ريال من السوق مباشرة لتحقق ربحا صافيا قدره 162 مليون ريال. 

في الشكل التوضيحي رقم (2) يوضح مدى ازياد اقبال الشركات الامريكية على شراء أسهمها خلال العشر سنوات الماضية . ان استخدام هذه الموارد يحدد مدى قدرة الشركة في تحقيق نتائج جيدة للمساهمين. ويمكن ان نسوق امثلة كثيرة على ان سوء استخدام الموارد المالية قد يؤدي لنتائج سلبية كبيرة على حقوق المساهمين من ابرز هذه الأمثلة شركة الاسمنت العربية، الجدول رقم (1) يوضح بعض مؤشرات الاسمنت العربية خلال 3 سنوات.

جدول رقم (1) بعض مؤشرات الاسمنت العربيه

كما هو واضح ان التراجع في مؤشرات الربحية والكفاءة كان سببه الرئيسي للاستثمارات في الاردن. ففي حين بلغ هامش الربح في حدود 50% لأعمال الشركة في السعودية خلال الثلاث السنوات الماضية، فقد بلغ هامش الخسارة 52% لنفس الفترة في الأردن وذلك بسبب ارتفاع تكلفة الانتاج في الاردن مقارنة بتكلفة مصانع السعودية، بالإضافة الى عدم تشغيل مصانع الاردن بكامل الطاقة الانتاجية.  

وتعلل الشركة ذلك في تقرير مجلس الإدارة لعامي 2012,2011 بسبب الركود الاقتصادي والفرق الكبير بين العرض والطلب وشدة المنافسة وارتفاع تكلفة الوقود. 

أي ان التعليل جاء بعد عام فقط على الاستثمار الاستراتيجي الكبير في الاردن. وحيث ان اغلب استثمارات الشركة يتم شطبها،  ففي عام 2009 تم تكوين مخصص لشركة المدينة العالمية للخرسانة بمبلغ 25 مليون، وفي العام السابق تم تكوين مخصص ب50 مليون هبوط في شهرة شركة الباطون. وفي عام 2013م تم عمل مخصصات 291 مليون خسائر انخفاض في ممتلكات ومعدات . 

هذا مثال واضح على سوء استخدام الموارد
قد يركز المستثمرون على نمو الأرباح المستقبلية للشركة وقوة مركزها المالي والكفاءة التشغيلية وكلها عوامل مهمة لتحديد القيمة الحقيقة للشركة الا ان قدرة وكفاءة الشركة على تخصيص مواردها المالية تلعب الدور الأهم في تعظيم حقوق المساهمين وقد رأينا كيف ان شركة الاسمنت العربية اهدرت جزء كبير من حقوق المساهمين بسبب قرارها بالاستثمار في الأردن ويمكن ان نأخذ المراعي كمثال جيد لتخصيص الموارد. ومن هذا المنطلق يجب ان يلعب مجلس الإدارة دوره في تخصيص الموارد المالية من خلال اختيار المدراء التنفيذيون الذين لديهم المعرفة والمهارة والخبرة في تخصيص الموارد وتطوير أنظمة حوكمة قرارات تخصيص الموارد المالية ووضع الحوافز لمكافأة الإدارة التنفيذية بعد تحديد اهداف واضحة قابلة للقياس … فهل يقوم مجلس إدارة الشركات بمسؤولياتهم فيما يتعلق بتخصيص الموارد المالية للشركة؟