الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نتفق أن المراقب المالي له دور مهم في ضبط العمليات المالية في الأجهزة الحكومية، لكن السؤال المهم ومن منظور الفاعلية، لمن يتبع وما هي الممارسة الأفضل؛ هل يتبع لوزارة المالية أم للمسؤول الأول في الجهة الحكومية، في السابق الوزارات هي فقط التي يتبع فيها المراقب المالي لوزارة المالية أما بقية الهيئات والمؤسسات العامة المستقلة فهو يتبع المسؤول الأول لإعطاء مرونة مالية أكثر وأسرع لهذه الجهات، لكن قبل عامين انتقلت جميع الجهات الحكومية لرقابة وزارة المالية عبر المراقبين الماليين، وواجهت وزارة المالية صعوبة في توفير الكوادر المؤهلة لسد النقص الكبير في عددهم.
يرى الكاتب، ومن وجهة نظره الشخصية أن تبعية المراقب المالي للمسؤول الأول في الجهة الحكومية هي الأنسب من الناحية الرقابية لعدة أسباب منها:
1- فاعلية الرقابة الحالية للمراقبين الماليين ليست كما نتأمل منها، وهذا هو واقع الحال لقلة عددهم.
2- تحميل المسئولية كاملة للوزير أو رئيس الجهة الحكومية المختص، وعدم مشاركة الجهة الرقابية (وزارة المالية) في هذه المسئولية. لأن الممارسة المعتادة أنه بمجرد ما يوقع المراقب المالي التابع لوزارة المالية تعتبره الجهة نقلاً للمسئولية منها لوزارة المالية فيما لو كان هناك أخطاء ومخالفات في العملية المالية.
3- حجم العمل الضخم لا يُمكَن وزارة المالية من الرقابة بالشكل المناسب، لعدم توفر العدد الكافي من المراقبين الماليين.
4- الخلل في الرقابة المالية في الوزارات الكبيرة، مثلاً وزارة التعليم يعمل بها فقط أربعة مراقبين ماليين تابعين لوزارة المالية، يراقبون كم هائل من المعاملات، وهذا سيشكل خللاً كبيراً في الرقابة، ولن يستطيع مراقبي وزارة المالية مراجعة كافة البيانات والمستندات، وهذا ضعف رقابي مهم ومؤثر. ففي الاتجاه الآخر لو كانت الرقابة المالية تابعة لوزارة التعليم لعين الوزير أكثر من مئة مراقب مالي وقد يعين في الفروع كذلك مراقبين، وهذا بلا شك سيُجوّد من عمليات الرقابة، وينقل مسئوليتها بالكامل على الوزير أو رئيس الجهة الحكومية.
القرار بتبعية كل المراقبين الماليين لوزارة المالية في كل الجهات الحكومية الذي صدر قبل سنتين (القرار صعب التطبيق الفوري) حقيقةً فاجأني، لأني أعرف عن كثب عدد المراقبين الماليين وصعوبة إيجاد متخصصين لتغطية حجم العمل الكبير، والسؤال المهم هل نجحت وزارة المالية في إحكام الرقابة المالية على الوزارات الجواب الظاهر (ليس بالشكل المأمول) لماذا؟ لأن معظم التجاوزات المالية حدثت في الوزارات الكبيرة، إذاً لماذا الإصرار على تكرار تجربة لم تنجح بالشكل المأمول؟ لماذا لا تُعكس التجربة وتناط الرقابة المالية بالوزير أو رئيس الجهة الحكومية؟.
لذا أقترح أن يعاد النظر في تبعية المراقبين الماليين في كل الجهات الحكومية وتكون كالتالي:
1- تكون تبعية المراقبين الماليين للوزير أو رئيس الجهة المختص ليتحمل المسئولية كاملة.
2- على وزارة المالية أن تستغل المراقبين الماليين لديها في إيجاد أدوات رقابية غير اعتيادية مثل:
– القيام بجولات تفتيشية على الجهات الحكومية ومراجعة عينة من المستندات.
– ضرورة اشتراكهم في لجان فحص العروض.
– مراجعة التقارير الشهرية مراجعة تحليلية.
– الزيارات الميدانية للمشاريع وعقود التشغيل والصيانة والنظافة. التي في الحقيقة تحتاج مزيداً من التمحيص من قبل وزارة المالية.
3- في ظل النقلة النوعية في خدمات وزارة المالية والإجراءات الرقابية الإلكترونية التي بدأت بها الوزارة عبر منصة اعتماد تحتم الانتقال من أسلوب إداري في الرقابة لآخر أكثر فاعلية.
يقول بروفيسور ستيفن كيلمان من جامعة هارفرد أثناء حضوره إحدى المؤتمرات بالسعودية:
“السعودية بحاجة لتغيير طريقة الإدارة من أجل تغيير أساليب الرقابة لتحسين أداء الأجهزة الحكومية”
إذاً علينا تطوير أساليبنا الإدارية في مجال الرقابة المالية لتغيير الوسائل الرقابية وإيجاد أدوات مستحدثة لتحقيق مزيداً من الكفاءة في الأداء والفاعلية في تحقيق الأهداف.
ووفق الله الجميع لخدمة هذا الوطن
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال