الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نعيش هذه الأيام موسم أمطار لم يمر على المملكة منذ عشرات السنين حسب عملي ، فالأمطار بدأت في أول الموسم ، وكانت عامة شملت جميع المناطق دون استثناء، وغزيرة ومستمرة. فالحمد لله علي نعمه.
لكن وفي كل مرة تهطل الأمطار بدل أن نستبشر بها خيرا، ندعو الله أن تمر على خير وأن تكون كوارثها في الحد الأدنى .
الوفيات التي تحدث نتيجة الأمطار في المملكة مؤلمة جدا، لأنها تحدث لأسباب يمكن تلافها ، بل لم يكن من المفترض وقوعها من الأساس . فالتهور وعدم المبالاة والعنتريات الفارغة في الأودية ومجاري السيول ، يسبب كل عام عشرات الحوادث الكارثية .
يتصرف الناس بلا عقل ، فلا التجارب السابقة تردعهم ولا ما يرونه أمامهم من خطر يمنعهم من الوقوع فيه . الخسائر البشرية هي الخسائر الأكبر التي تخلفها السيول كل عام، ويجب البحث في حلول جذرية وعملية . والتحذيرات لم تعد تجدي مع أناس لا يقدرون الحياة ، بل لا يقدرون قيمة أنفسهم .
دور الدفاع المدني إنقاذ الناس الذين تقع لهم حوادث رغما عنهم ، لكن الدفاع المدني لدينا ينشغل طوال موسم الأمطار بمطاردة المتهورين من وادي لوادي ومن شعيب لشعيب. والنكتة التي تقول (الدفاع المدني يحذر السيول من السعوديين) رغم سرياليتها إلا أنها تمثل واقعا مؤلما . وانشغال الدفاع المدني بأولئك المتهورين مابين إنقاذ ومتابعة مكلف جدا، من حيث إشغاله عن أعمال أخرى قد تكون أهم في بعض الحالات .
سوء تصريف مياه الأمطار داخل المدن السعودية الكبيرة يكلف الدولة سنويا مليارات الريالات ؛ بتعطيل الكثير من الأعمال، وإتلاف الطرق والممتلكات العامة والخاصة ، وتكاليف إزاحة المياه من الشوارع لتسهيل الحركة ، وتكاليف إعادة إصلاح الطرق والخدمات التي تأثرت. التكاليف التي تخلفها الأمطار داخل المدن نتيجة سوء التصريف مهولة ، وبالإمكان تفادي معظمها بتكلفة أقل من تكلفة الإصلاح كل عام دون فائدة ، عن طريق إنشاء تصريف جيد لمياه الأمطار داخل المدن، وإعادة رصف الطرق بحيث تخدم تصريف المياه ، بدل وضعها المُزري حيث لا تفرق بعض الشوارع الرئيسية عن الأودية .
لا أعتقد أن مدننا تستطيع تلبية برامج جودة الحياة في ظل انهيار شوارعها مع أبسط هطول للأمطار، خصوصا أن ما حدث هذا العام ينبئ بسنوات خير قادمة بإذن الله .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال