الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“لو استثمرت في كل (مايعتقد) الأكثرية بأنه مربح، لمَ استطعت تكوين ثروتي“ ( جايمس روجير).
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن منافع الخصخصة (التي لاتحصى) مما تسبب في ركاكة محتوى الكثير من المقالات المكتوبة التي من المفترض أن تحوي مادة أو فكرة ناجحة مشتقة من جذور التخصص، وعلى النقيض تم الحديث عن الخصخصة (كحل) في مختلف المجالات بدون الأخذ بعين الاعتبار (العوامل) التي يرتكز عليها الإطار المنتج لأي عملية خصخصة ومسبباته.
وتجدر الإشارة الى أن الكثير من البحوث العلمية تشير إلى أن الكثير من الدول التي تمتلك ثروات طبيعية (كالنفط ، والغاز…)، تمتلك قطاع خاص (ضعيف) نسبياً، والاستثناء كان الصين حيث أن قطاعها الخاص ضعيف ليس بسبب امتلاك ثروات طبيعية وإنما قدرة انتاجية ترتكز على الثروة السكانية والجغرافية الهائلة.
وبالعودة للخصخصة، هنالك شروط لنجاح أي عملية خصخصة من ضمنها توفر البنية الاقتصادية القائمة بذاتها من جهات تشريعية وتنفيذية ورقابية وقضائية، إضافة إلى ذلك لابد من (إثبات) قدرة شركات القطاع الخاص (التشغيلية والمعرفية) على التنافسية مع شركات المحيط الجغرافي القريب منها و العمل بدون مساعدات حكومية.
بجانب أن الخصخصة تتطلب وجود جهات رقابية (مستقلة) ذات اختصاص بكل قطاع معني بخصخصته، وجهات رقابة (مستقلة) تختص بحقوق المستهلكين وقنوات (حرة) للتبليغ عن أي مخالفات تختص بمعايير جودة المنتجات (وإن كانت مستوردة) أو الخدمات المقدمة.
وقبل ذلك (كله) لابد من وجود جهات رقابة مالية تخضع الكثير من الشركات المحاسبية (الأربع الكبرى) وغيرها تحت الرقابة والفحص والتدقيق (على اعتمادات المصداقية) الصادرة على الأوراق المالية الخاصة (بعملائهم) التي أثبتت كل أزمة مالية مرت بها المملكة والوقت الراهن على (محاباة ظاهرة)، هذه المحاباة كشف انخفاض أسعار النفط قوامتها، والنتيجة ضعف معايير الشفافية، والافصاح، وبالتالي مصداقية الأوراق المالية ككل.
بجانب أن الخصخصة في كثير من القطاعات التي رعتها حكومتنا الكريمة لم ترد الدين بتحسين الخدمات، إضافة إلى ذلك أن القطاع الصحي (بآليات التشغيل الذاتي) لم يقدم خدمات ترتقي إلى مستوى الخدمات الصحية في المرافق الحكومية العملاقة كمستشفيات الحرس الوطني، والعسكري، والتخصصي خلال الأعوام الأخيرة.
أعتقد أن المسببات لكل هذه التجارب (بالخصخصة) تحتاج إلى مراجعة وتدقيق وإيجاد حلول أخرى بديلة لهذه المرحلة الإنتقالية (من الإعتماد على النفط لإدارة الكثير من المؤسسات الحكومية)، ومن الحلول البديلة (التدريجية – قبل الخصخصة النسبية) هي استقطاب أفضل المدرآء الذين شغلوا مناصب عليا في شركات تعني بالقطاع المراد خصخصته. حيث أن من خلال هؤلاء المدرآء سوف ترتقي معايير الأدآء والانتاج (بما يتناسب مع ال benchmark (المؤشر) العالمي إلي درجة تحل هذه المعايير المستخدمة (وأثبتت جودتها) مكان التنظيمات القانونية الموجودة لذلك القطاع، وهذا من مميزات الشركات العالمية التي عملت بدول قوانينها المنظمة لكل قطاع أدنى من المعايير العالمية.
إضافة إلى ذلك سوف يسهم هؤلاء المدرآء (بخصخصة عقول) الكادر البشري الذي يشغل ذلك القطاع، وهذا أحد الحلول التي تستخدمها الحكومة الأمريكية لضبط عمل أي قطاع حكومي، ونراها اليوم من خلال الرئيس ترامب واجتماعاته المستمرة مع الرؤساء التنفيذيين من شركات فيس بوك و أمازون وآبل .. لوضع المقترحات للمساهمة بخفض المصاريف وتحسين الخدمات الحكومية الإلكترونية.
بجانب إيجاد شراكات (ليست فقط) استراتيجية بل إدارية وتشغيلية مع شركات عالمية معروفة بتقديم أفضل الخدمات في كل قطاع حكومي مستهدف (بالخصخصة) يعتبر أحد الحلول الناجحة (قبل عملية الخصخصة النسبية)، وهذا مانراه من شراكات بين القطاع الحكومي والخاص في قطاع الصحة في بريطانيا، ولكن لايمكن التعويل على الشركات السعودية (عدا في قطاع النفط) في الإسهام بالفترة الإنتقالية لعدم وجود القدرة والسمعة التنافسية على مستوى العالم. كما أن الدولة أولى بأرباح تصب في مصلحة تنوعها الاقتصادي من شركات القطاع الخاص !
وفي الختام، ثقتي تزداد مع مرور الأيام بخطة حكومتنا الرشيدة لتنويع مصادر الدخل وتحسين الخدمات الحكومية المقدمة و مساهمتنا كمتخصصين في هذا المجال ماهو إلا رد دين لهذا الوطن المعطاء .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال