الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في العام 2009 افتتح جارت كامب و ترافيس كالانيك الشركة باسم أوبركاب ، في مدينة سان فرانسيسكو. وقد نشأت الفكرة نتيجة ظروف مر بها الإثنان في فرنسا نتيجة معاناتهما من إيجاد سيارة أجرة في وقت متأخر من الليل . وقد بدأت الفكرة على نوعيات فاخرة من السيارات وبأسعار أعلى من الأجرة العادية .
فكرة أوبر فكرة عبقرية لاشك في ذلك ، وأعتقد أنها من أكثر أفكار ريادة الأعمال إبداعا وجرأة في الخمسين سنة الماضية ، قد يراها البعض بسيطة وتطور طبيعي للاستخدام التقني ، لكنها ليست كذلك .
فمن يعتقد أنه يستطيع إقناع أصحاب السيارات الخاصة بالعمل لحسابه عن طريق الإنترنت ، وتشغيل سياراتهم الخاصة كأجرة وإعطاءه نسبة من دخولهم ، ومن يستطيع إقناع المستهلك أن يستأجر سيارة خاصة ليست مسجلة كسيارة أجرة عن طريق تطبيق ، والأعجاز في إقناع الحكومة بجعلها تغير أنظمتها للسماح بتشغيل السيارة الخاصة كأجرة ، من يفعل كل ذلك لا شك أنه فكر بتحرر كامل من كل القيود ، وكان جريئا جدا .
لكن العبقرية في الاقتصاد الذي يتفاعل بشكل سريع جدا مع كل جديد من الأفكار الخلاقة ، ويسهل نجاحها بتذليل كل العقبات أمامها . ويزيد ذلك الاقتصاد قوة ، المستهلك الجريء الذي يقبل بالأفكار الجديدة والغريبة ويتفاعل معها بكل بساطة .
الاقتصاد الأمريكي اقتصاد نشط خلاق ، فالأنظمة مرنة جدا في تعاملها مع الأفكار الجديدة ، والقاعدة الصناعية قوية لإنتاج أي فكرة جديدة ، والسوق متقبل وقادر للتفاعل مع كل الأفكار الجديدة وتشجيعها وضمان نجاحها ، من خلال قوة تسويق هائلة وقوة شراء كبيرة .
لذلك لا يمكن لفكرة (مجنونة) مثل أوبر أن تنجح في غير أمريكا ، ولذلك تنطلق معظم الأفكار الجديدة والخلاقة والمبدعة من هناك ، ولذلك سيظل الاقتصاد الأمريكي مسيطرا على العالم ، وواهمون من يرون في الاقتصاد الصيني منافسا للاقتصاد الأمريكي في المدي المنظور . فالاقتصاد الصيني يملك قوة إنتاج ، لكنه يفتقر للإبداع ، بل إن القيود لديه على الإبداع كبيرة جدا .
كل ذلك غير مهم ؛ المهم أن الاقتصاد السعودي يحتل المرتبة 92 في سهولة بدء الأعمال حسب تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي ، الذي يشمل 190 دولة . والحقيقة أن ذلك الترتيب لا يليق أبدا بالاقتصاد السعودي ، وحسب التقرير فقد تحسن موقع السعودية في سهولة ممارسة الأعمال عن التقرير الماضي 2.92 نقطة . نتيجة التحسن في الشفافية ، وتحسين بداية الأعمال التقني .
لسنا في صدد الحلم بأن يصبح اقتصادنا خلاقا ومبدعا وقادرا على تقبل الأفكار (المجنونة) والرائدة فذلك مازال بعيد المنال لسببين رئيسيين؛ تعقيد الأنظمة وبطء تفاعلها مع الجديد من الأفكار ، وضعف القاعدة الصناعية التي يمكنها إنتاج الأفكار الجديدة .
لكننا نطمح أن يصبح بدء نشاط الأعمال أسهل مما هو عليه الأن ، فبرغم التحسن في بعض الجوانب إلا أن المعوقات كبيرة . والشباب أكبر المتضررين من تلك المعوقات ، وكثير منهم يتوقف في بداية عمله بعد خسارة كبيرة . ولأن دبي في مركز متقدم في سهولة بدء الأعمال فإنها بيئة جاذبة للسعوديين لبدء أو نقل أعمالهم إليها ، وبعض رجال الأعمال هدد بإغلاق كل أنشتطه في السعودية ونقلها لدبي .
لا تكمن المشكلة لدينا في الأنظمة وتعقيدها فقط ، بل في الأنظمة الخفية المتمثلة في المطبقين لها من الإدارات التنفيذية في المناطق والمحافظات ، ويظهر التباين الكبير بينها لدرجة توحي باختلاف النظام من مكان لآخر .
أجزم أن ما يمنع معظم الشباب من البدء في مشاريعهم الخاصة هو خوفهم من التعثر في بداية المشروع بسبب تعقيدات البدايات . نعم الإصلاحات في مجال تحسين بيئة الأعمال كبيرة ، لكنها ليست كافية ، لأن التشوهات السابقة كبيرة جدا ، ومازال أمامنا الكثير من العمل والإصلاح حتى نصل لبيئة جاذبة لبدء أعمال جديدة وتحديدا للشباب .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال