الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على الرغم من عدم وجود تعريف موحد و محدد لمفهوم الحوكمة إلا أن غالبية التعاريف تشترك في مجموعة من المفاهيم والأطر العامة للحوكمة والتي تتمحور في كونها تقوم على الشفافية والإفصاح والمساءلة والمحاسبة ومكافحة الفساد من خلال منظومة من السياسات والأنظمة والإجراءات والمبادرات وهيكلية العلاقات بين أصحاب المصلحة (ابتداءً بحملة الأسهم أو الملّاك ومرورا بالإدارة التنفيذية، والموظفين وانتهاءً بالعملاء و الموردين) والتي تصب في نهاية الأمر في هدف واحد و هو نمو المنظمة و تعظيم ثروة الملاك.
فتطبيق المنظمة لأحد منهجيات الحوكمة حسبما يتناسب مع مجالها، يكون باعثاً للاطمئنان والثقة لكافة أصحاب المصلحة ذوي العلاقة الذي يهمهم أمرها. و دوماً مايأتي موضوع التعاقب القيادي على أجندة مجالس الإدارة في المنضمات لاسيما التي ترتكز صناعتها على وضائف قيادية و نوعية يكون إمدادها شحيحاً في سوق العمل على مستوى المهارة و المعرفة و الكفاءة و الخبرة، الأمر الذي يرفع مؤشر الخطر ويبعث القلق لدى المنظمات في حين مغادرة القياديين الحاليين وترك المكان شاغراً مما يترك فراغاً يصعب تعزيزه بقدرات مماثلة لمسك زمام الأمور و مواصلة قيادة القطاع المحدد. ويزداد الأمر سوءً بالنسبة للمنظمة إذا غادر القائد إلى شركة منافسة في نفس الصناعة. ولأن هذا الأمر يهدد المنظمة ويشكل هاجساً لها لأنه ذو علاقة وطيدة برأس هرم رؤيتها وهو الاستقرار و النمو و تعظيم الثروة فإن الحوكمة تضطلع بالتأكيد على إيجاد و تطبيق برامج التعاقب القيادي لسد هذه الثغرة و درء المخاطر التي قد تؤول إليه الأمور حين غياب تلك البرامج.
وبالحديث عن برامج التعاقب القيادي فإنه يلزم الإشارة إلى أبرز التحديات التي تواجه هذه النوعية من البرامج و لعل أبرزها هو ماساد التعارف عليه بأن برامج التعاقب القيادي يقع ضمن إطار الأعمال الروتينية لإدارة الموارد البشرية، مما يكون سبباً في إضعافها وعدم فعاليتها، في حين أن وقوعها ضمن رؤية المنظمة ووضعها هدفاً رئيسياً في خطتها الاستراتيجية عوضاً عن التعاطي معها كإجراء تشغيلي سيعزز من فعاليتها و أدائها. كذلك يظهر معوّق آخر يواجه برامج التعاقب القيادي وهو طريقة التطبيق والتنفيذ حيث تتبنى مفهوم (الإحلال) الأمر الذي يبعث القلق في وسط القياديين الحالين مما يجعلهم ينظرون لها بأنها مصدر خطر يهدد علاقتهم بالمنظمة ويهدد مسارهم المهني فيها، فتنشأ بذلك موجة عنيفة من المقاومة الداخلية التي تسعى لاحباط محاولات النجاح لهذه البرامج، في حين أن تغيير المفهوم من (الإحلال) إلى (التطوير و بناء الصف الثاني من القيادات) سيكون هو الحل لكسب أولئك القيادات الحاليين وتحويلهم من معول هدم إلى معول بناء.
كذلك أحد التحديات التي آلية التواصل التي تتبعها بعض المنظمات لدى تنفيذها لهذه البرامج حيث تأخذ شكلاً من أشكال السرية و الغموض غير المبررين، الأمر الذي يؤدي إلى خلق نوع من الحساسية لدى أصحاب المصلحة، في حين لو كانت منهجية التواصل تقوم على إيضاح الأهداف و النتائج التي تعزز من موقف كافة الأطراف بشفافية لكان ذلك أرجى في فعالية تطبيقها، وجعل الجميع يتشارك في البناء و التطوير و إنجاح البرامج كما رسم لها. أيضاً من التحديات الشائعة التي تواجه برامج التعاقب الوظيفي هو تصنيفها ضمن (برامج التطوير و التدريب) في حين أنها في الأساس تنظوي تحت مضلة (استمرارية الأعمال و درء المخاطر) ، وهذا الخلط في التصنيف حرج جداً إذ أنه وبناء على التصنيف يتم وضعه في المكان الخطأ من حيث دائرة التأثير و الإهتمام، ومكانه في الاستراتيجية، وبناء المؤشرات ، و الميزانية و تخصيص الموارد.
كما تجدر الإشارة إلى ضرورة التأكيد على أن برامج التعاقب القيادي ليست مشروعاً يبدأ و ينتهي، بل هي رحلة تستمر مع المنظمة فبرنامج التعاقب القيادي إذا ماتم الإيمان بأهميته من قبل أعلى هرم في المنظمة ووضعه ضمن أهدافه الاستراتيجية وتم تبني المنهجية الصحيحة لتطبيقها فإن ذلك سيسهم بفعالية في إستقرار المنظمة و تعزيز ميزتها التنافسية و تحسين بيئة العمل للأفضل و رفع فعالية قدرات المنظمة و كفاءاتها مما يؤدي إلى تحقيق أهداف المنظمة وتعظيم فرص نموها ودرء أبرز المخاطر التي قد تحيط بها للتقاطع بذلك مع مبادئ الحوكمة للمنظمات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال