الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في العام 1903 أجرى عالم النفس الروسي بافلوف عدة تجارب على مجموعة من الكلاب لديه، وذلك بمراقبة ردة فعلها كلما حان وقت إطعامها، حيث كان يراقب اللعاب الذي تفرزه عندما تشتم رائحة الأكل، لكنه ربط أمر آخر، وهو صوت جرس يقرعه قبل تحضير الطعام. مع الوقت ارتبط صوت الجرس بالطعام، فأصبحت الكلاب تفرز لعابها كلما سمعته، حتى لو لم يحضر الطعام. استنتج من هذه التجربة أنه يمكن ربط عامل محفز مع الوقت والتكرار ليحفز على ردة فعل سلوكية مرتبطة بمحفز آخر ليس له علاقة.
ما الذي حدث في تلك التجربة؟ هناك عملية طبيعية تحدث بين محفز مثل مشاهدة الطعام، له ردة فعل طبيعية هي افراز اللعاب، وكذلك الحر الشديد، ردة فعله الطبيعية، الشعور بالعطش. يتم إدخال عامل آخر برتبط مع المحفز ليستفيد من ردة الفعل، كما فعل بافلوف عندما قرن الجرس مع الطعام في كل مرة. الجرس وحده لا يحفز شيء! لكن مع الوقت أصبح له نفس ردة الفعل عند مشاهدة الطعام.
أكثر من استفاد من هذه النظرية، شركات التسويق، حيث تحاول أن تحشر منتجاتها وتربطها في عملية طبيعية عبارة عن محفز له ردة فعل تقودك إلى المنتج! على سبيل المثال، شركة كوكا كولا، تربط زجاجة الكولا الباردة بالحر الذي يحفز العطش، مع الإعلانات المكثفة، ستصبح كلما شاهدت زجاجة كوكا كولا باردة ومحاطة بالثلج، تشعر بعطش يدفعك لشراءها!
كذلك الحال مع الربط الذي ترسخ لدينا أن السعر المرتفع يعني جودة أعلى ومنتج أفضل، وهذا يفسر تجربة أقيمت مؤخرا في أحد محلات التسوق، الذي ضاعف أسعاره، فوجد إقبال غير طبيعي على المنتجات، نتيجة هذا الربط بين السعر العالي والجودة بالرغم ان السعر العالي لا يخلق الجودة!
لذلك عملية الارتباط مع محفز ليس له علاقة، هي خدعة سلوكية تضلل العقل عن تفنيد المسببات وفحص الحقائق بشكل متجرد.
الموضوع يزداد سوءاً اذا ارتبطت بمشاعر الخوف،
وهذا ما أضافه واستون في العام 1919، عندما طوّر النظرية وربطها بالمشاعر والخوف من أحداث مرتبطة بنتائج سيئة. فعلياً هذا ما يحدث لأغلب المتداولين في سوق الاسهم الذين تولد لديهم شعور بالخوف من نتائج هبوط مؤشر السوق بشكل قوي، حيث أحدث خسائر مالية ونفسية فادحة. لذلك يبذلون وقتاً وجهداً كبيراً لتحليل المؤشر والتفاعل بشكل سليي مع أي هبوط حتى لو كان بسيط.
الترابط المنطقي لعملية التداول هي شراء سهم لشركة تعتقد أن قيمتها أعلى من سعرها الحالي، لذلك تشتريها أملاً في الربح عندما يسعرها المتداولين بالقيمة التي وصلت إليها. بغض النظر عن طريقتك في التقييم، وهل القيمة التي وصلت إليها صحيحة أو خاطئة؟، لكن هذه المعادلة الرئيسية لأي صفقة تداول، والتي يجب أن تركز عليها. المشكلة تحدث عند التأثر بمحفزات أخرى ليس لها علاقة مباشرة في منهجية تقييم الشركة، مثل حركة المؤشر.
للأسف أن تحليل المؤشر يستنزف الوقت والجهد والمال من أغلب المتداوليين وحتى شركات الأبحاث ومدراء الصناديق، وكلها محاولات فاشلة لترويض محفز للخوف والهلع ليس له علاقة بالعوامل الأساسية لموقف أي شركة ترغب الاستثمار بها. لذلك علّق لوحة أو ملاحظة في مكتبك أو مكان تداولك مكتوب فيها ” السوق دخوج” أي ليس دخول ولا خروج! حتى تقتل هذا الانحياز السلوكي الذي يدفعك للتداول مع حركة السوق!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال