الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع نهاية كل عام تعلن ميزانية جديدة و لكن هذه السنة تميزت بخطاب حكومي مختلف بعض الشي من خلال درجة أعلى من الإفصاح و الاستعداد لتوضيح طبيعة التوجهات ليس المالية فقط و لكن الاقتصادية أيضاً و كذلك لإشراك القطاع الخاص و كل المهتمين في خطوة غير مسبوقة. أحيانا هناك أمور تبدو صغيرة قياسا على طبيعة التحديات و لكنها مؤشر لأنماط تصرفات مختلفة مثل الوصول الى حل مريح لشركات الاتصالات حول مبالغ معلقة بسبب خلافات فنية في التفسيرات ، حل هذه الإشكاليات يحرر أموال مؤثرة و بالتالي فرصة اعلى للاستثمارات الرأسمالية ( الأمل لا توزع كارباح ولكن للاستثمارات ) في قطاع حيوي و لكن أيضاً يزيل أحد محطات عدم اليقين الصغيرة .
و لكن كما هي عادة النقاد لا أريد الحديث عما يعلن و لكن ما خلف الستار و أرى انه يؤثر على الاقتصاد معنويا ( الرسالة و تفسيراتها الضمنية و الظاهرة ) و التأثيرات المادية و البشرية المباشرة و غير المباشرة على المستوى الكلي و الجزئ و أفقيا و رأسيا. لدي عدة أمنيات كالتالي :
الاولى ، أن نغير الخطاب الاقتصادي ليكون عنوان الخطاب الجديد التوظيف الأمثل لأهم مورد لدينا: النفط و الغاز و المعادن والشمس و المواهب الوطنية و ليس لاستبدالهم بموارد اخرى . النجاح في استغلاله بتعظيم سلسلة القيمة المضافة نجاح اقتصادي و ممارسة إدارية متفوقه تعدنا لما هو أصعب و تجهزنا لأي تحول مستقبلي . هذا لا يعني أن لا نهتم بالطاقة الشمسية او حتى الذرية أو حتى السياحة و لكن ” التركيز ” هو هو ما يحدد خارطة الكفاءة و الانتاجية .
الثانية ، أن نبدأ السنة بتعهد داخلي بخفض أعداد الاستشاريين الوافدين المباشرين و غير المباشرين بنسبة لا تقل عن 40% مع نهاية 2019 و نسبة مماثلة لعام 2020 . بعد أكبر برنامج ابتعاث في العالم و تخرج حوالي 90% من هؤلاء ( عمر البرنامج حوالي 13 سنة ) و توظيف ضخم ومباشر للاستشاريين ولذلك انتقال مفترض للمعرفة على مدى الخمس سنوات الماضية ، اذا لم نتعلم بعد كل هذه الجهود الحكومية و الاحتكاك مع بيوت الخبرة بعد كل هذه الاستثمارات فلن نتعلم، بل نراكم خسائر مادية و معنوية دون نهاية في الأفق .
الثالثة ، التعهد بقياس الانتاجية على كل المستويات و اشهار اعلانها مع حماية للطبقات الاقل حظا بعين على تأهيلهم للانخراط في منظومة إنتاجية و فخورة بادوارها في المجتمع . يقول الاقتصاديون ان ما لا يقاس لا قيمة له فالأحرى القياس قبل محاولة التقدم كثيرا . القول ان هناك نقص في المعلومات الإحصائية اما نصف الحقيقة او أعذار واهية من طرف استشاري من الدرجة الثالثة في الجودة .
الرابعة ، لابد من حرص على التوازن المالي و التمكن من اطار مالي نفطي خاص فينا . نعرف ان أسعار النفط متقلبة و احيانا بعنف كما نشهد هذه الايام و لكن لابد من الربط بين عوائد النفط على مدى دوره واحده (3-5 ) سنوات و تعادل الميزانية – اي لابد ان نتوقع عجز او فائض في كل دوره نفطية و لكن لابد من عدم زيادة العجز او الدين العام في كل دوره نفطية ، هناك مخاطر معتبرة من مقارنة الدين العام مع دول العشرون قياسا على الدخل القومي ، لابد من سياسة مالية أكثر تحفظ .
الخامسة ، لا يمكن أن نحاول ايجاد أعذار او نصف أعذار لتأجيل التوطين تحت مسمى حماية القطاع الخاص ، فهناك تناقض اقتصادي بين اعادة تحجيم الاقتصاد ( resizing – اذا قبلنا مبدئيا بان الاقتصاد تضخم ليس بسبب محصلة إنتاجية عوامل الانتاج ( total factor productivity ) ولكن بسبب وفره ماليه و بين ضرورة تعريض المواطن لقوى الانتاج . في هذا الصدد هناك جزئيات حاسمة مثل الادارة عن طريق المتعهد لكي تتخلص المنشأءة عن التوطين تحت مسمى راقي و لكنه خادع ، و هناك ام المعارك : إعاده هيكلة التعليم العالي و الفني اقتصاديا.
السادسة ، إعاده درجة من التوازن بين الاستثمار من ناحية و الاستهلاك و المساعدات الخارجية من ناحية اخرى ، فبدون الاستثمارات المباشره وخاصة في الصناعة لن يكون هناك نمو حقيقي ( نسبة الاستثمارات من الدخل القومي منخفضة تاريخيا ) و لن تأتي استثمارات خارجية دون جهد مضاعف داخلي ، أيضاً لعل اكبر مساهمة نقدمها للدول العربية ان ننجح اقتصاديا و ليس من خلال مساعدات مالية مباشرة مهما حسنت النوايا و كانت الأغراض .
الثقه في القياده ينبوع مستمر و لكن لابد من تجديد الثقه في السياسات العامة . نتحدث كثيرا عن الاستدامة المالية و الاقتصادية و لكن العامل الحاضر الغائب دائما واحد : الثقة و التي مصدرها الارتجاع لسياسات حصيفة و نافذة اقتصاديا بعيدا عن المراهنه على المال و كانه تعامل مع قوى الاقتصاد . حين تكون المرجعيات الاقتصادية بسيطه و واضحه تكون الثقة اعلى و تسهل التفاصيل العملية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال