الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استكمالاً لمسيرة الكتابة في مقالات تتعلق بكفاءة الإنفاق المالي في قطاعاتنا الحكومية حيث يأتي هذا المقال بعد ذكر عدد من المقالات حول ذات الموضوع.
لعله من المناسب كتابة المقالة بعد صدور بيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2019 حيث بإمكان القارئ الكريم الاطلاع على ما ورد خلال البيان الموجود في الموقع الالكتروني لوزارة المالية وهنا سنتجاوز الارقام في تقديرات الصرف والإيرادات لعام 2019 ونركز على الإجراءات والسياسات المتبعة لإدارة النظام المالي بالقطاعات الحكومية.
لايخفى على المختصين التطورات التي حدثت في منهجية الموازنة العامة للقطاعات الحكومية وما تبعها من تفعيل منصات مالية لمتابعة النفقات خلال العام المالي ومن المتوقع والطبيعي أن لا تظهر النتائج الإيجابية للتغيير إلا بعد أكثر من عامين أو ثلاثة أعوام مالية ؛ وهي تطورات يجب أن تتسارع في التنفيذ حتى نختصر الزمن في تحقيق النتائج لبرنامج التوازن المالي.
لذلك يجب أن نسلط الضوء على عدة أمور مهمة في سير إجراءات النظام المالي للقطاعات الحكومية وهي:
ميزانية الاسقف ومنهجية عمل مركز تحقيق كفاءة الإنفاق بالوضع الراهن والهيئات الرقابية المالية ثم علاقتها بالعام المالي 2018.
حتى نهاية العام المالي 2018 أجزم بأن جميع القطاعات الحكومية لم ولن تلتزم بالاسقف المالية المحددة لها من قبل وزارة المالية ولعل أبرز الأسباب في ذلك هو المنهجية المتبعة في تحديد الاسقف حيث لا تتم بصورة مدروسة وفق لدراسات مالية واستطلاعات وزيارات ميدانية من قبل فرق متخصصين بوزارة المالية في عدد من المجالات المالية والادارية إنما يسير الأمر وفق للإجراءات التقليدية القديمة من ارسال نماذج للجهات يتم تعبئتها على مبدأ السوق لا مبدأ الاحتياج الفعلي ومن ثم المفاوضات حتى الاستقرار على اعتماد مالي مرضي إلى حدما للطرفين.
وبالتالي نتائج التغيير في الموازنة من الاعلى إلى الاسفل لم يختلف كثيراً عن سابقة من إعداد الموازنة من الاسفل الى الاعلى لاننا نجد ان غالبية القطاعات الحكومية تزيد في اعتماداتها المالية خلال العام المالي إلى أكثر من 50% من أصل الاعتماد او السقف المقرر لها وبالتالي نحن لازلنا في المربع الاول.
وهنا تكمن شفافية وزارة المالية لدى الرأي العام بأن توضح نسب زيادة الإنفاق للقطاعات الحكومية خلال العام المالي ومن ثم يتضح تحقيق مؤشرات برنامج التوازن المالي لدى الجميع.
وحتى تكون الأمور متسقة مع بعضها فمن المؤكد أن دور مركز تحقيق كفاءة الإنفاق قبل وبعد صدور الميزانية فالمفترض عن إعداد الموازنة يكون للمركز قرار في تحديد النفقات لكل قطاع حكومي ويأتي هذا التحديد في النفقة بناء على دراسة الخطط الاستراتيجية وتقاطع البرامج التشغيلية والمشاريع الرأسمالية داخل القطاع أو مع القطاعات الاخرى وبعد ذلك يأتي دوره الفعلي في عملية مراقبة الأداء المالي للقطاعات الحكومية مع الهيئات الرقابية المتخصصة بذلك بعد إقرار الميزانية ليعتبر البوصلة الاساسية والمرشدة لوزارة المالية في زيادة أو خفض الانفاق لأي قطاع حكومي.
والسؤال المهم / لماذا لا تدير وزارة المالية ميزانيات القطاعات الحكومية؟
لعل أكبر علامة استفهام هو تجربة القطاعات الحكومية في إدارة ميزانياتها خلال العقود المنصرمة دون وجود ردة فعل تصحيحية من قبل وزارة المالية ؛ وبالتالي التجربة السابقة خير دليل على عجز عدد كبير من تلك القطاعات في إدارة مواردها المالية ونتيجة لذلك تعطل أو تعثر عدد من المشاريع الرأسمالية والخدمية او وجودها على أرض الواقع ولكن دون المواصفات والشروط ذات الجودة المتفق عليها.
لازال الهدر المالي موجود ولازال دور مركز تحقيق كفاءة الإنفاق غائب وندرك كمتخصصين ان عملية التغيير وما يتبعه من مقاومة تأخذ وقت ولكن يجب أن لا يطول.
والمتأمل في الأوضاع الاقتصادية العالمية يدرك حجم الخطورة والتحديات وأن تبني اقتصاد قائم على الصناعات المحلية والمعرفية أصبح خيار وحيد يجب أن نخوضه.
كل ما اتمناه ان تعمل جميع المراكز التي أنشئت والهيئات الرقابية ضمن خطة واضحة كل منها يدرك دوره ويكون مكمل للآخر وكل ما اخشاه ان يكون عمل كل قطاع بعيد عن الاخر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال