الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتضح جلياً أهمية تفعيل قطاع السياحة في المملكة كمصدر دخل (غير ناضب) يضيف للناتج القومي، وتأتي هذه الأهمية من أولويات خطط المملكة 2030 التي تستهدف تقليل الإعتماد على النفط والتحول لدولة منتجة وجاذبة للسياح، حيث تتنبأ شركة ماكينزي للإستشارات بنمو قطاع السياحة في المملكة ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030 بما نسبته (%11)، وتوظيف ما يقارب (1,300,000) شخص.
وبالرغم من النمو المتزايد في عدد السياح الوافدين للمملكة نسبياً (باستثناء الهبوط الملحوظ في 2017)، إلا أن المجلس العالمي للسياحة والسفر يتوقع زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي السعودي في 2018 بما يعادل (683 مليار دولار أمريكي)، حالياً، تقف نسبة مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي عند (3.6%)، ومن المتوقع وصول نسبة إسهامها إلى ما يعادل ( 3.9%) من الناتج المحلي.
ولعل منطقة الجوف تعتبر (أحد) الطاقات الخامدة التي لم يتم استغلالها بالصورة المطلوبة حتى الآن، حيث أنها تمتلك المقومات المناسبة واللازمة للنهوض بالسياحة وجذب شرائح متعددة من السياح، ففيها الإرث التاريخي الذي يسبق عصر الإنسان المعروف، والذي يعد مهم للكثير من الباحثين والمهتمين من جميع أنحاء العالم. كما يوجد في منطقة الجوف إرث حضارة الآشوريين والذي من الممكن من خلاله استهداف المهتمين بهذه الحقبة التاريخية عالمياً، وإرث حضارة الأنباط الذي يمكن من خلاله استهداف شريحة العرب المهتمين بهذا النوع من الآثار، ولا ننسى الآثار الإسلامية التي من السهل من خلالها استهداف السياح المسلمين من أصحاب الدخل (العالي).
تفعيل قطاع الجوف السياحي ممكن بسبب اعتدال المناخ في فصل الصيف وجاذبيته، الأمر الذي من شأنه تسهيل (جذب) السياح من الداخل والخارج، بجانب تحسين فرص استهداف المسافرين المارين من خلال الجوف والذي يقارب تعدادهم (٢ مليون) مسافر سنوياً.
حالياً، تواجه الجوف تحديات يجب تخطيها وعقبات لابد من تسخيرها لنقل المنطقة إلى مستوى مقبول سياحياً، من ضمن هذه العقبات هي الرقي بتجربة السائح والرفع من مستوى الرفاهية والخدمات المقدمة بأسعار جذابة للداخل والخارج، وذلك يتطلب جذب استثمارات فندقية ذات جودة عالية من شأنها أن تسهم في توفير خدمات متكاملة للسياح، وذلك بسبب ضعف المرافق السياحية المتواجدة التي لم تسهم يوماً في جذب الملايين من المارة والزائرين، فالجوف تمتلك (30) فندق أو بالأصح (30) ترخيص فندقي فقط، ومعدل الإقامة فيها من قبل الزوار هو (2.6%).
كذلك تحتاج منطقة الجوف إلى تجهيز البنية التحتية للسياحة من مرافق وتهيئتها لاستقبال السياح وتوفير مراكز إرشادية لهم لتقديم المعلومات التاريخية ومساعدتهم في الحجوزات، ومن المقترحات التي يمكن الإستفادة منها هو تفعيل الجهود المشتركة بين هيئة السياحة في الجوف ووزارة الخارجية لتوعية السياح من الخارج والقادمين لأغراض الحج والعمرة بأهمية منطقة الجوف التاريخية والثقافية، وإعداد برامج سياحية خاصة بالرحلات في آثار الجوف بالتعاون مع وكالات السفر والسياحة ذات الاختصاص والموثوقة عالمياً لتشجيع السياح المهتمين بالآثار على القدوم وزيارة المنطقة.
خطوة من هذا الحجم بلاشك سوف تسهم في خلق الوعي و إعطاء الفرصة للمهتمين للترتيب مسبقاً لزيارة المنطقة والوقوف على الآثار بها. بجانب أن وكالات السفر العالمية (قد) تسهم بشكل (مباشر) برفع مستوى وجودة الخدمات والمرافق السياحية الموجودة حالياً والتمكين من قياس حجم الطلب على هذا الإرث التاريخي المتنوع في المستقبل القريب.
إضافة إلى ذلك، ولمعالجة الضعف الواضح في مساهمة القطاع الخاص بتنمية قطاع السياحة في منطقة الجوف، نقترح الإستفادة من بعض التجارب العالمية، فعلى سبيل المثال: أقدمت الكثير من المرافق الحكومية ذات الاختصاص في القطاعات السياحية في دول متقدمة على إنشاء شركاتها الخاصة في مجال السياحة والإشراف عليها إدارياً، حيث أثبتت هذه التجارب العالمية نجاح هذه الآلية كخطوة مبدأية في تطوير قطاعاتها السياحية وإثارة انتباه قطاعاتها الخاصة لمستوى الربحية المحققة من هذه الاستثمارات مما ساهم في خلق تنافسية نتج عنها تنوع وجودة في مستوى الخدمات السياحية المقدمة.
بلاشك، هذه الآلية تتفق مع توجهات المملكة في خطط 2030 لتمكين بعض القطاعات الحكومية من خلق فرص استدامة والمساهمة في الإضافة إلى الناتج المحلي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال