الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم تمنع التحديات الكثيرة التي ينبغي على الرؤساء التنفيذيين في المملكة التعامل معها خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، من ارتفاع مستوى ثقتهم في توقعات نمو شركاتهم وقطاعاتهم التي يعملون فيها، ونظرتهم التفاؤلية المستقبلية حيال آفاق الاقتصاد السعودي بفضل المبادرات التحفيزية وخطط التنويع الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة للحد من الاعتماد على النفط، تماشياً مع رؤية المملكة 2030 والبرامج المقرة لتحقيقها.
وعلى الرغم من وجود مخاوف تجاه حالة عدم الاستقرار وعدم التيقن التي تمر بها الأسواق العالمية والأجواء الجيوسياسية بشكل عام وتباطؤ نمو القطاع الخاص، أظهر استطلاع رأي أجرته كي بي إم جي العالمية مؤخراً، لأكثر من 1300 مسؤول تنفيذي في العالم، من بينهم 50 تنفيذياً في السعودية، إنَّ الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي أقرتها الحكومة السعودية، عزّزت تفاؤل الرؤساء التنفيذيين بشأن مستقبل أعمالهم مقارنة بنظرائهم حول العالم.
وفي نتائج تقرير هذا العام، أعرب 92 في المائة من الرؤساء التنفيذيين في السعودية عن ثقتهم في نمو شركاتهم والصناعات التي يعملون بها على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، وقد جاءت أحدث النتائج بالاستطلاع مقارنة باستطلاع العام الماضي، حيث ظل 98 بالمائة من الرؤساء التنفيذيين على ثقة بشأن النمو المستقبلي لشركاتهم ، في حين كان 90 بالمائة منهم على ثقة بشأن نمو الصناعة أو القطاع الذي يعملون به.
إنَّ مثل هذا النوع من الاستطلاعات الموجهة مهم للغاية، حيث يقيّم من خلاله التنفيذيون مدى ثقتهم وتفاؤلهم بالأعمال والنشاطات التجارية الحالية والمستقبلية، كما يكشف عن أي تأثيرات في مستوى ثقة التنفيذيين نتيجة الضغوطات المستمرة الناجمة عن الأحداث في المنطقة والتحديات الاقتصادية الراهنة.
إن النظرة المتفائلة للرؤساء التنفيذيين حيال الآفاق المستقبلية لنمو الاقتصاد السعودي تبرهن على قوة ومرونة محركات نمو الاقتصاد السعودي وتدل على الفاعلية والأثر الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية، كما أن النتائج التي توصل لها الإستطلاع مثيرة للاهتمام من حيث الرؤية بعيدة المدى، خاصة مع التغييرات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد السعودي في السنوات الأخيرة، وهذا يؤكد اتجاه المملكة نحو التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، والذي يهدف إلى تعزيز النمو والتطوير عبر القطاعات غير النفطية.
لا شك أننا لاحظنا وجود تباين بين توقعات الرؤساء التنفيذيين في المملكة حيال الكثير من القضايا ذات العلاقة بنمو الاقتصاد بشكل عام، لكنّ هذا التباين يٌظهر أن القضايا الاقتصادية ليست وحدها التي تؤثر على تفكير المسؤولين التنفيذيين، فرغم تنامي درجة التفاؤل إزاء الاقتصاد السعودي والعالمي على حد سواء مازالت هناك تحديات ضخمة تتصل بالتغيرات الحادثة في اقتصادات معينة وبواعث القلق إزاء اللوائح والتغيرات التكنولوجية، وتعاملهم مع ظروف متغيرة، مثل: تباطؤ النمو في الأسواق الناشئة.
لكن وبشكل عام، فإن الرؤساء التنفيذيين في المملكة إيجابيون بشأن النمو، مع الأخذ في الاعتبار تنويع الاقتصاد وخفض الاعتماد على النفط، والذي من المتوقع أن يدعم بدوره النمو الحقيقي في مجال الخدمات والتصنيع، إلى جانب حدوث انتعاش معتدل في مستويات إنتاج النفط وارتفاع الإنفاق العام بشكل جيد لدعم التوقعات الاقتصادية الكلية الإيجابية.
ورغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد السعودي ومعظم اقتصادات المنطقة جراء تذبب أسعار النفط، إلا أن هناك تفاؤلاً بإطلاق الحكومة للعديد من البرامج والمبادرات بغية تنويع الاقتصاد وخفض الاعتماد على النفط، كما يؤكد هذا التفاؤل وإن كان حذراً بعض الشيء بأن السعودية تعتبر حالياً الأكثر نمواً وتنافسية بين اقتصاديات المنطقة وأكبرها تنوعاً مع مواصلة جهود التنويع الاقتصادي وتقليل حجم الأنشطة المتعلقة بالمنتجات النفطية.
وبالتالي من المهم في هذه المرحلة الاستمرار بتنفيذ الإصلاحات وعدم التردد فيها بعد تحسن أسعار النفط في فترات معينة، والعمل على الاستفادة من المدخرات بالشكل الأمثل وفيما يتعلق كذلك بالموارد البشرية ستكون الفترة القادمة فترة صراعات على استقطاب الموارد البشرية المبدعة؛ مما سيتطلب تغييراً في استراتيجيات التوظيف وخصوصاً في القطاعات المعتمدة على التكنولوجيا بشكل رئيسي كالأمن السيبراني وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الناشئة مع عدم تناسي المخاطر التي قد تحملها هذا القطاعات .
كما وينبغي على الشركات التي لم تدخل مسارات التحول أن تكون مرنة وسريعة في التحول لأن التحول لم يعد أمراً اختياراً بل أصبح ضرورة حتمية ستؤدي بالكثير من الأعمال التي لاتملك خطط تحول إلى الخروج من الأسواق ولا ينبغي التركيز على العوائد في الاستثمارات في هذه المرحلة بل ربطها بخطط طويلة الأمد .
وختاما وبعد إقرار أكبر ميزانية في تاريخ السعودية، نتفاءل بأن يواصل الاقتصاد السعودي في تحقيق مزيداً من الزخم في النمو، بفضل الإجراءات والقرارات الاستراتيجية الأخيرة الهادفة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، وتسهيل إجراءات الاستثمار، وتخفيض تكلفة الأعمال، بما يسهم في زيادة معدلات الثقة في الاقتصاد الوطني.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال