الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد لا يتصور رائد الأعمال أن أحد أبرز أسباب تعثر مشروعه الناشئ لا يتعلق بفكرة المشروع، ولا بالمنتج، ولا بالمستهلك، ولا حتى بالإدارة المالية؛ بل هو متعلق بالعوائق القانونية والمتطلبات التنظيمية التي تواجه المشروع خلال سنواته الأولى.
في إحصائية لوزارة العمل الأمريكية أوضحت أن أكثر من ٥٠٪ من المشاريع الريادية الناشئة تخفق في أول أربع سنوات من انطلاقة المشروع، فبالإضافة إلى أسباب تتعلق بسوء الإدارة ونقص الخبرة ونوع المنتج؛ تبرز المسائل القانونية والتنظيمية من ضمن أهم مسببات فشل المشاريع الناشئة في سنواتها الأولى.
وفي تقرير نشره الاتحاد الوطني الأمريكي للأعمال المستقلة عن اقتصاد ولاية كاليفورنيا والذي يعد سادس أكبر اقتصاد في العالم (أكبر حتى من اقتصاد دولة الهند أو فرنسا)؛ يوضح هذا التقرير أن العوائق القانونية والتنظيمية تعد من أبرز 10 عوائق تقلق المشاريع الناشئة.
المشاريع الناشئة في المملكة العربية السعودية
لا يزال مجال ريادة الأعمال في المملكة -بشكله الجديدـ ناشئًا وفي طور النمو والاكتمال، وبرغم عدم وجود أرقام تفصيلية واضحة عن نجاح المشاريع من عدمها أو عن أبرز العوائق التي تواجه المشاريع الناشئة في السعودية وتتسبب في توقفها أو فشلها؛ إلا أنه يمكن بوضوح استقراء ضخامة المشاريع وفاعليتها أولًا، وبأن المسائل القانونية والمتطلبات التنظيمية لا تزال عائقًا وعثرة لأصحاب المشاريع الناشئة -كما هي في كل المشاريع الناشئة حول العالم-.
عوائق تقديم خدمات قانونية ملائمة للمشاريع الناشئة
قد تشكل المواضيع والمتطلبات القانونية مصدر قلق وإزعاج للريادي، فبدلًا من اهتمامه بفكرة المشروع وتطويره سيجد نفسه منشغلًا بدوامة لا تنتهي من المتطلبات والالتزامات، وهذا مؤثر بلا شك على مسيرة المشروع ونجاحه.
قسمت -في وجهة نظري الشخصية- عوائق الاستعانة بمقدم خدمة قانونية من قبل إدارة المشروع الناشئ إلى ثلاثة أسباب:
السبب الأول: يتعلق بالثقافة والوعي القانوني لدى إدارة المشروع الناشئ نفسه، وعن فهمهم لمدى الحاجة الماسة لمتخصصين لمعالجة المسائل القانونية وحلها بدلا عن الارتجال فيها، فالمشاريع الناشئة تبتعد قدر المستطاع عن الاستعانة بطرف ثالث -خارج المنظومة- لمعالجة مسائلها، والاعتماد بدلًا من ذلك على مبدأ افعلها بنفسك (Do It Yourself) طمعًا في تسريع الأمور، وهذا يعني الاستعانة بالنماذج والقوالب الجاهزة وغير المعدة بإحكام لتسيير الأمور القانونية، وقد يكون هذا الحل فعالًا على المدى القصير ولكن عمليًا فإن أضراره وتكلفته -المادية والمعنوية- تفوق التكلفة المتوقعة من الاستعانة بمقدم خدمات قانونية ابتداءً.
السبب الثاني: يتعلق بطريقة عمل شركات ومكاتب المحاماة وأسلوب تقديمها للخدمات القانونية؛ تعدّ رتابة إجراءات الحصول على الخدمة القانونية وصعوبة الحصول عليها وبطء الوقت لتقديم الخدمة عائقًا من جهة، والأسعار التي يظن طالب الخدمة أنه تمت المبالغة فيها بلا مبرر من جهة أخرى.
وهذا صحيح جزئيًا، فالقيمة المعروضة للخدمة القانونية قد تتناسب مع فئة معينة من الشركات، ولكنها لا تتناسب نهائيًا مع مشروع ناشئ وبميزانية مادية محدودة.
السبب الثالث: حداثة وعصرية المشاريع الناشئة قد تكون هي العائق عن تقديم الخدمة القانونية الملائمة لها؛ مسائل خصوصية وأمن المعلومات، الخدمات السحابية، وبقية المسائل التكنولوجية عموما هي السمة البارزة للمشاريع الناشئة في الأعوام الأخيرة، وهو ما يصعب على مقدمي الخدمات القانونية -وعلى المنظمين أيضا- اللحاق بها ومواكبة هذا التطور السريع من النواحي التنظيمية.
ختامًا؛ لا تطلب المشاريع الناشئة أكثر من ثلاث: مقدم خدمة متخصص، وصول سريع وسهل لمقدم الخدمة، مقابل مالي يتناسب مع كونها ناشئة. فهل تستطيع شركات المحاماة بشكلها التقليدي الحالي تقديم خدماتها القانونية بما يتوافق مع حيوية ومتطلبات المشاريع الناشئة؟ أم سنكون بانتظار “مشروع قانوني-ريادي” يقدم الخدمات القانونية للرياديين بأسلوبهم وبطريقتهم؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال