الموارد البشرية ورؤية 2030 – إعداد إدارات الموارد البشرية (5)

تلعب إدارة الموارد البشرية في أي مؤسسة حكومية كانت أو حتى في القطاع الخاص دوراً محورياً وهاماً في مستوى رفاهية وأدء الموظف، لكن لم تُخْلق إدارة الموارد البشرية لأجل هذا الدور فقط، إنما يتعدى تأثير هذه الإدارة على المؤسسة حدود أداء الموظفين لأبعد من ذلك بكثير. وتماشياً مع رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 في كيفية ترشيد الإنفاق الحكومي، يدرك الكثير من مختصي الموارد البشرية أن إدارة الموارد البشرية التي تعمل بشكل سليم استراتيجياً وتحقق معدلات أداء مرتفعة يمكنها توفير مبالغ ضخمة للمؤسسات الحكومية التي تعمل بها.  

كنا قد تحدثنا في بداية هذه السلسلة حول التحول لإدارة الموارد البشرية بشكلها الحديث وأقسامها الجديدة التي يتم التحول لها في مؤسساتنا الحكومية، لكن في هذا المقال نتحدث حول إعداد هذه الإدارة بالتفصيل لتتماشى مع تحقيق برنامج التحول الوطني في المملكة، حيث تحظى معظم المؤسسات الحكومية في المملكة في الوقت الحالي بما يعرف باسم الخدمات المساندة أو إدارات شئون الموظفين البسيطة والتي تقوم بصرف الرواتب وغيرها من العمليات الأساسية مثل الإجازات وسجلات الموظفين، وللوصول إلى تحقيق أهداف الموارد البشرية من المؤسسات والتي تساعد على تحقيق برنامج التحول الوطني يجب أن تبدأ إدارات الخدمات المساندة كنقطة انطلاق لمرحلة التحول والتي سيترتب عليها تأسيس إدارة متكاملة للموارد البشرية الاستراتيجية من خلال تقييم للنظام الحالي لتحديد التغييرات المطلوب إجراؤها لضمان سلاسة عملية التحول التي تخوضها المؤسسات الحكومية.

فقد عكفت وزارة الخدمة المدنية على تجهيز إدارات الموارد البشرية للتحول وذلك عبر تقييم الوضع الحالي للموارد البشرية في قطاع الخدمة المدنية، ثم تحديد معايير لقياس أفضل الممارسات العالمية التي تحكم إدارات الموارد البشرية في القطاعين العام والخاص، وتحديد تعريف للاستراتيجيات الوطنية للموارد البشرية وخطة لتنفيذها، إعداد مكتب لإدارة التحول الاستراتيجي، وكذلك وضع إرشادات لتمكين المؤسسات الحكومية من بناء خبرات في مجال الموارد البشرية. 

يتكون إطار عمل إدارة الموارد البشرية بالشكل المستهدف الوصول إليه من عدد من العناصر أولها الرؤية والقيم والأهداف الاستراتيجية، فهي الأساس التي تُبنى عليه إدارات الموارد البشرية في مؤسسات الخدمة المدنية بالمملكة، ويتطلب ذلك أن تتحول الموارد البشرية من نظام يعتمد على الأقدمية إلى نظام يعتمد على الجدارة والتي تضمن أن يكون الموظف الذي يعمل بالمؤسسات الحكومية يفي بمتطلبات المنصب والوظيفة التي يشغلها وذلك لضمان نجاح المؤسسة. 

والعنصر الثاني من إطار عمل إدارة الموارد البشرية هو الركائز الأساسية لوظائف الموارد البشرية والمتمثلة في المصدر والأداء والتطوير والانتماء وكل ركيزة منهم تحتوي على عدد من الوظائف التي تقوم عليها إدارة موارد بشرية استراتيجية فاختيار الموظفين تحتوي على كيفية تخطيط القوى العاملة بالمؤسسة من خلال تحديد احتياجاتها في المستقبل، وعملية توظيف موظفين جدد لسد الحاجة لهم، وكذلك تهيئة الموظفين الجدد للعمل من خلال إعلامهم بسياسات المؤسسة وأهدافها وتزويدهم بالأدوار الرئيسية لهم. كذلك قياس أداء الموظفين من الركائز الأساسية من خلال إدارة الأداء، والتطوير كنا قد تحدثنا سابقاً عنه بالتفصيل، وأخيراً الانتماء للمؤسسة من خلال إدارة المسار الوظيفي والارتباط المهني للموظفين لتحفيز الموظفين وإدماجهم في نسيج المؤسسة التي يعملون بها.  العنصر الثالث والأخير في إطار عمل إدارة الموارد البشرية هو مجموعة من وظائف الدعم للوظائف الرئيسية للموارد البشرية وهي التواصل الداخلي، السلامة في مكان العمل، والتظلمات والشكاوى. 

فمن خلال التحول لإدارات الموارد البشرية بشكلها المعاصر في المؤسسات تسعى المملكة في برنامجها للتحول الوطني ورؤيتها أن تواكب أفضل الممارسات الحكومية على مستوى العالم من أجل تحسين الإنتاجية وترشيد الإنفاق الحكومي ودعم الموظفين السعوديين من خلال تحسين مستوى رضاهم الوظيفي وارتباطهم المهني وانتمائهم لمؤسساتهم مما يعود بالإيجاب على المملكة واقتصادها.