الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا أحد يتمنى المشاكل والأزمات، لكنها في أحيان كثيرة تكون الحل الوحيد للخروج من كوارث مدمرة.
نحن نعيش عدة مشاكل اقتصادية نشأت قديما نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وتعليمية كان يعيشها المجتمع، وعمل سوء التنظيم والإدارة وبعض عادات المجتمع والفساد على تكريسها وتنميتها حتى أصبحت عصية على الحل.
البطالة ذروة سنام تلك المشاكل التي نعاني منها، ولحل مشكلة البطالة يلزم حل الكثير من المشاكل الأخرى. وكل المحاولات التي بذلتها وتبذلها المؤسسات الحكومية للتخفيف من مشكلة البطالة تصطدم بالكثير من العقبات.
القطاع الخاص يرفض التخلي عن مكاسبه من العمالة الوافدة السهلة جدا، خصوصا من تشبعوا بعوائد التستر بدون عمل، حتى الشركات تفضل العمالة الرخيصة التي تستطيع التحكم بها بشكل كامل في ظروف عمل غير مناسبة دون أدنى درجة من التذمر.
في الجانب الأخر الشباب السعودي يرفض العمل في مهن كثيرة لأسباب مختلفة ومتباينة؛ كأن يكون غير راغب أو قادر على تعلمها، أو أنه يراها غير جيدة ولا تناسب مكانته الاجتماعية، أو لتدني أجورها، أو لصعوبة تأقلمه مع ظروف العمل المرهقة، أو لعدم قدرته على منافسة العمالة الوافدة لكل الأسباب السابقة.
والمجتمع في المقابل يطالب بتحقيق أمرين لا يمكن الجمع بينهما مطلقا؛ أن تظل السلع والخدمات متوفرة بكثرة وبأسعار منخفضة، وأن يجد أبناءهم وظائف مناسبة وبأجور مرتفعة.
ورسخ تلك المشاكل سوء التخطيط والإدارة الحكومية لكثير من الجوانب التنظيمية والرقابية والتشغيلية وحتى الاستثمارية، مع التساهل في حل المشاكل، واعتماد الحلول الأقل جدوى، والمؤقتة والسريعة التأثير والزوال. والرغبة في إسكات أصحاب الأصوات العالية وإن كانوا على غير الصواب.
النتيجة لكل ذلك أن أصبح اقتصادنا وربما سياستنا الداخلية والخارجية رهن لأزماتنا الاقتصادية مع العمالة الوافدة والشركات الوطنية والشباب السعودي والمجتمع.
وقد وصل الأمر في بعض الحالات أن تغاضت الحكومة عن العمالة المخالفة لنظام الإقامة والعمل لمنع انهيار بعض المشاريع العملاقة، أو تعطل بعض الخدمات.
المحاولات لحل المشاكل الاقتصادية وتحديدا البطالة كثيرة ومستمرة، لكنها بعيدة عن جذور المشكلة؛ لذلك أعتقد أننا بحاجة لأزمة حقيقية تجبر الجميع على البحث عن الحلول الفعلية لمشاكلنا والقبول بتلك الحلول، وعدم اختلاق المبررات لمنع تطبيقها.
ماذا ننتظر لحل مشاكلنا الاقتصادية وخصوصا في سوق العمل والصناعات؟ هل ننتظر أن تتوقف الخدمات كالصحة والاتصالات والطيران والصيانة وغيرها؟ أم نستسلم لوضعنا الذي نعيشه ونسلم قرارنا الاقتصادي لمن يسيطرون عليه عمليا؟
نحن نعيش أزمة فعلا لكنها تتجه لتصبح كارثة ما لم نقبل بالحلول المؤلمة للبعض، وما يعلن من الوظائف السطحية في الاقتصاد لن تحل مشكلة البطالة، ولا المشاكل المسببة لها، ولابد من الغوص في الأعماق وانتزاع المشاكل من جذورها، حتى وإن خلقنا أزمة اقتصادية مؤقته ندرك يقينا أنها ستزول بمرور الوقت.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال