الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في اليوم الأول من خريف عام 2018م، حصل عشرات الآلاف من سكان مدينة فيكتوريا الأسترالية على مفاجأة ترحيبية من شركة الكهرباء، حيث انخفضت فواتير الكهرباء بشكل ملحوظ. بعدما تم تخفيض الأسعار بنسبة 5%، لأن مزود الخدمة زاد من استثماراته في قطاع الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الخروج من موسم الصيف الحار دون انقطاع في التيار الكهربائي لمدة ثانية واحدة. فالمصادر المتجددة لم تجعل الشبكة موثوقة وحسب، بل أصبح بإمكاننا رؤيتها تخفض الأسعار.
في منتصف عام 2017م، أعلنت شركة Meridian Energy النيوزيلندية وهي الشركة الأم لشركة Powershop، وقد دخلت السوق لإضافة المزيد من الطاقة المتجددة. وقد غمروا بأكثر من 70 اقتراحاً، وهي عدد قليل من السدود الكهرومائية وحزمة من مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وعند الحصول على العروض تفاجأ المدراء التنفيذيين في Meridian Energy من انخفاض الأسعار بشكل كبير. وبالنسبة لشركات الطاقة القادرة على تقديم التزامات طويلة الأجل، أصبح من الممكن الآن شراء الطاقة من مزارع الرياح والطاقة الشمسية بسعر أقل من الغاز ومعظم الفحم الموجود – وهو أحد الأسباب التي جعلت Powershop قادرة على الحصول على أسعار رخيصة.
قبل عقد من الزمان، كانت محطة الطاقة الشمسية الضخمة باهظة الثمن بشكل لا يمكن تصوره بما يقرب من 200 دولار لكل ميجاوات في الساعة، أي ما يعادل 20 سنتًا / كيلوواط ساعي، أي ما يقرب من خمسة أضعاف متوسط الشبكة في ذلك الوقت. كانت طاقة الرياح أقل كلفة، ولكن عند 120 دولار لكل ميجاوات في الساعة، وكانت لا تزال أغلى بكثير من إنتاج الكهرباء عن طريق الفحم والغاز، حيث أن الطاقة المتجددة في مجملها كانت غير مجدية بسبب ارتفاع تكلفتها.
لا يستطيع البعض فهم سبب انخفاض أسعار طاقة الرياح والطاقة الشمسية حتى الآن وبهذه السرعة. في الحقيقة، هناك آثار تراكمية لعوامل عدة، ويعتبر تحسن التكنولوجيا بسرعة فائقة أحد أهم هذه العوامل.حيث سيولد توربين رياح يبلغ طوله 150 مترًا طاقة لنحو 3000 منزل في الوقت الحالي. قبل سنوات عدة، كانت أفضل توربينات للرياح قد حققت أقل من النصف من حيث الإنتاج للطاقة. أيضاً رفع كفاءة سلاسل التوريد، والتي جعلت الصين تنتج الآن سبعة ألواح شمسية كل ثانية – مما يوفر فرصًا لا تحصى لتقليص تكاليف الوحدة.
أما ما يخص الاستثمار. لو عدنا إلى السنوات القليلة الماضية، كان عدد قليل من البنوك فقط يفهم ما معنى مصادر الطاقة المتجددة، وكان النظر إلى هذا النوع من الاستثمارات على أنها “بديلة” ومحفوفة بالمخاطر. والآن بعد أن أصبحت مصادر الطاقة المتجددة “سائدة” فإن علاوة المخاطر المطبقة من قبل البنوك على مصادر الطاقة المتجددة أقل بكثير من مشروعات الوقود الأحفوري كالفحم والغاز والنفط، وهي المشاريع التي تتسم بالكثافة الرأسمالية شديدة الحساسية لتكلفة التمويل. لذلك يجب أن نعترف بأن الطاقة المتجددة الجديدة القادمة على الخط ستدفع أسعار الطاقة إلى الانخفاض.
يفرض الاقتصاد الآن أن الانتقال إلى نظام طاقة أنظف أمر حتمي. لذلك السعودية شرعت مبكراً في التخطيط لتحفيز القطاع الخاص والمستثمرين المهتمين بهذا المجال للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في المملكة، لتحقيق رؤيتها الطموحة 2030.
وقدمت مبادرات عدة تهدف إلى تفعيل وتعزيز دور الطاقة البديلة في منظومة الطاقة وفي المنظومة الاقتصادية على حد سواء، بالتوجه إلى زيادة المحتوى المحلى في سلاسل القيمة الصناعية والخدمية وتوطين الدراية الفنية فيها واستثمارها تجاريًا، وتأهيل رأس المال البشري اللازم. هذه كلها سيكون لها فوائد كبيرة في المستقبل القريب، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضاً من حيث نوعية الحياة للشعب السعودي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال