الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أستوقفني مبنى حكومي أقل مايقال عنه معمارياً أنه غير جميل ولايحمل أي هوية معمارية ولا يتناسق مع أي مباني حوله والتي هي بالكاد تحمل هوية هندسية علامة التعجب والاستفهام التي تواردت على مخيلتي عندما أرى مثل تلك التشوهات التصميمة في أغلب المباني سواء الحكومية كفروع الوزارات والمباني الخدمية ومشروعات إسكانية وأيضاً بعض مشاريع القطاع الخاص من مباني تجارية إدارية ومكتبية !
هل تنعكس تلك البشاعة و السلبية الموجودة في التصاميم الخارجية على التصميم الداخلي؟ هل تحققت الوظيفة التي من أجلها صمم المبنى أو أنها مجرد مواد خرسانية وبعض قطع الزجاج والالمونيوم؟ هل السبب عدم وجود معماريين أكفاء لعمل تصاميم معمارية مميزة أو التكلفة المرتفعة في البناء أن وجد؟
أسئلة قد وجدت إجابة جزئية عليها من قبل وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة حين قال ان معظم المباني التي شهدها في وزارتي التجارة والصحة أما أنها لا ترتقي للمستوى المأمول أو أنها لا تناسب الموظف ولا العميل وكان لزاماً إيجاد تعديلات وتحسينات على تلك المباني لتفي بالغرض المنشود سواء وظيفياً أو إنسانياً أو حتى اجتماعياً .
قبل المضي في موضوعي سأتطرق لمفهوم العمارة والتي عرفت على أنها فن تكوين الحجوم والفراغات المخصصة لاحتضان الوظائف والنشاطات الإنسانية والاجتماعية بتنوعها وهي انطلاقا من ذلك تعكس في سماتها وأشكالها الانجازات التقنية والحضارية والتطلعات الجمالية والروحية والقدرات المادية للمجتمع في بيئة ما وفترة تاريخية محددة بحيث يتناسب شكل البناء مع المنطقة المحيطة وان يصبح البناء جزء متناسق مع المنطقة .
ما نراه الان في العمارة السعودية وعشوائية الهوية المعمارية للمباني التي بالكاد تجد مبنى أو أثنين حافظ عليها ما هو إلا تشوية بصري للمدن ناهيك عن يعض الإجتهادات الخاطئة في التصميم العمراني والذي تحدث عنه مخططين عمرانيين. يمكن إيعاز تلك العشوائية في العمارة لعدم وجود تنظيمات معمارية صارمة للمحافظة على الهوية التصميمة وأساسيات التصميم المعماري وكان لابد من إيجاد تنظيم يمنع إجازة تصميم تلك المشروعات السلبية خاصة المجمعات التجارية والسكنية وإعتبار تلك التنظيمات والإشتراطات جزء من الموافقة النهائية مثلها مثل إشتراطات شركة الكهرباء و المياه والدفاع المدني …الخ.
في فترة سابقة وقبل 15 سنة تقريباً عندما كنت أعمل في أحد المكاتب الهندسية بمدينة الرياض حضرت العديد من المناقشات للجنة الكبرى لمشاريع مدينة الرياض كانت اللجنة وأعضائها يفرضون بشكل غير مباشر على المكاتب الهندسية وملاك العقارات للمباني خاصة التجارية بعض التكسيات المعمارية مثل حجر الرياض الذي كان حينها حسب وجهة نظر اللجنة الانسب لكثير من المشروعات.
بلا أدنى شك أن تلك التفضيلات المفروضة على المباني حدت من إبداع المعماريين آنذاك ولكنها أيضا حدت كثيراً من عبث بعض الدخلاء على مهنة العمارة والتشويهات الهندسية لتلك المباني التي نراها الان من الدمج بين الطرز المعمارية مع إستخدام مواد حديثة كالألمونيوم في تكسيات مشروعات كلاسيكية النمط والعكس وقس على ذلك.
قد يكون من المهم الآن إيجاد وتفعيل مثل تلك اللجان مرة أخرى وتكون مختصة في تقييم وإيجازة المباني معمارياً وإعتبار الهوية المعمارية شرط أساسي للموافقة على المشروع وتكون تلك اللجان مستقلة تحت مظلة وزارة الشؤون البلدية والقروية ومرجعتيها إلى الوزير مباشرة وتخدم مخرجات التصاميم المعمارية في المملكة العربية السعودية ولهذا كانت المطالبات بإيجاد هئية للمعماريين السعوديين لإحتضان المعماريين وللمحافظة على مهنة العمارة في السعودية على غرار هئيات المعماريين الأمريكيين والاوربيين .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال