الموارد البشرية ورؤية 2030 – بيئة العمل المحفزة (13)

من أهم العوامل التي تساعد على جذب الاستثمارات في دولة ما هي قدرة الدولة على خلق بيئة عمل صحية للمستثمرين وكذلك جذب المواهب من كل أنحاء العالم وكذلك المواهب المحلية للعمل في الشركات والمؤسسات بداخل الدولة. ومن أهم العوامل الجاذبة للمواهب هي طبيعة منظومة وبيئة العمل داخل الشركات، لذلك أولت رؤية 2030 أهمية كبيرة لتلك النقطة من خلال تشجيع الشركات والمؤسسات على خلق بيئة عمل محفزة للموظفين والتي بدورها تعمل على تحقيق أداء متميز في المؤسسة من خلال رفع مستوى الكفاءة والإنتاج والفعالية في العمل وينعكس ذلك على أداء الموظفين عبر إرتفاع مهاراتهم وإنتاج أعمال بنسبة أخطاء أقل، والإلتزام بالمواعيد النهائية لإنجاز وتسليم الأعمال، والتحسين المستمر للعمل بما يشمله من تجديد وإبداع. 

بيئة العمل المحفزة والإيجابية لها عدد من السمات والعناصر التي تبنى عليها وسأتحدث اليوم عن بعض تلك السمات والتي نفتقدها في عدد كبير من الشركات والمؤسسات السعودية. من أهم تلك السمات هي مشاركة القيم والأهداف مع الموظفين، فيجب على الإدارة أن توضح الأهداف الاستراتيجية المطلوب تحقيقها وأخذ آرائهم والتأكد من استيعابهم لها والإيمان بها،     كذلك الاتفاق على وضع الضوابط واللوائح الخاصة بسير العمل داخل الشركة لضمان سير العمل بشكل إيجابي. أيضاً من سمات بيئة العمل المحفزة للموظفين الشفافية وسهولة التواصل فيجب أن تتميز بالشفافية في تبادل المعلومات سواء على مستوى الإدارة أو الموظفين وأيضاً سهولة التواصل بين الموظفين والإدارة والحصول على الدعم الكافي منهم وكذلك التوجيهات المناسبة بسهولة ويسر. كما يجب ألا يكون هناك قيود تحرم الموظف من الابداع والابتكار فينبغي إتاحة الفرصة لكل الموظفين لإبداء آرائهم واقتراحاتهم مما يساعد على زيادة الإنتاجية والإيجابية والعمل الجماعي في بيئة العمل. 

التحفيز والتقدير والمكافأة من أهم العناصر التي تساعد على خلق بيئة عمل محفزة للموظفين فيمكن ببعض المرونة المتمثلة في عدم إلزام الموظف بساعات عمل رسمية أن يكون عنصر تحفيز للموظف من خلال إتاحة عدد ساعات مرنة للموظف، كما يمكن إتاحة العمل من المنزل في بعض الأحيان بشرط تحقيقه لأهداف العمل المطلوبة منه، من الهام أيضا ألا تؤثر ضغوطات العمل على حياته الشخصية فيجب تشجيع الموظفين للموازنة بين العمل والحياة مما يساعد نفسياً على أداء عمله بنتائج أكثر إيجابية كما يعزز ثقته بمكان العمل. التقدير والمكافأت من العناصر التي تعمل على خلق إيجابية ببيئة العمل فقد يكون التقدير مالي أو معنوي من خلال مكافآت مالية أو أجازات مدفوعة أو جوائز للموظف المثالي وإعلان ذلك بشكل علني بين أفراد فريق العمل يعمل على خلق تنافس محبب بينهم ينعكس بإيجابية على بيئة العمل ككل. 

واقعياً تعد بيئة العمل المحفزة والمتميزة أفضل وسيلة للاحتفاظ بأفضل المواهب، كما تعد سياسات الموارد البشرية المتعلقة بالتدريب، والتطوير، والتوازن بين الحياة المهنية والشخصية والقيم المشتركة أمراً أساسياً للمساعدة  بشكل كبير على الاحتفاظ بأفضل المواهب وعلى الحد من ارتفاع معدلات تغيير الموظفين في ظل الوضع التنافسي الحالي في الأسواق الناشئة، والتي تسعى المملكة بدورها إلى الوصول باقتصادها وسوقها إلى مرتبة متقدمة ومتميزة بين دول العالم أجمع.