الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دائماً ما ينظر أغلب المواطنين لأي تاجر على أنه شخص قد جمع أمواله عبر هِبات أو طرق غير مشروعه وبالتالي أصبحت هناك صورة نمطية تصوّر رجل الأعمال بأنه على أهب الإستعداد لإستغلال المواطن أبشع إستغلال، بل وأصبح بعض المواطنين يشكّك بالتجار في كل حديث لهم إلى أن وصلت المسألة للتجريد من الوطنية، رغم وجود نماذج مشرّفة من رجال الأعمال والتي أضافت الكثير والكثير.
كما ينظر أغلب المواطنين لبعض مسؤولي الدولة على أنهم غير متفهّمين لمتطلباتهم ويعيشون في برج عاجي، بل أنهم ممكّنين لرجال الأعمال عليهم إلى أن تم تصوير بعض مسؤولي الدولة على أنهم متنفّذين وفاسدين في ظل وجود العديد من النماذج النزيهة والعملية والتي نفخر بها من مسؤولي الدولة.
وفي الجهة المقابلة، نجد عدد لا يُستهان به من رجال الأعمال دائماً ما تكون نظرتهم للمواطن سلبية، بل يرونه كثير التذمّر، إلى أن أصبح بعض التجار يقلّلون من قيمة المواطن ومستوى إحترامه رغم وجود عينة من المواطنين المتفهّمين والداعمين لرجال الأعمال، وفي ذات الوقت ينظر رجل الأعمال لمسؤولي الدولة على أنهم قاسين عليه ومجحفين بحقه ولا يتفهمون تحديّاته بل ويجاملون المواطن على حسابه، وإن هدفهم الرئيسي هو جباية أمواله، في ظل وجود مسؤولين حكوميين كُثر داعمين للحركة الإقتصادية.
وإذا نظرنا لبعض مسؤولي الدولة فسنجد أن لديهم صورة ذهنية تصوّر أغلب المواطنين على أنهم متطلّبين وغير متعاونين، رغم وجود فئات كبيرة من المواطنين ممن (قتلتهم) القناعة والتضحيات، بينما ينظر بعض مسؤولي الدولة لرجال الاعمال على أنهم دائماً ما يحاولون الإلتفاف على الأنظمة والقوانين وأن شغلهم الشاغل هو تعظيم مكاسبهم، في ظل وجود عدد من رجال الأعمال ممن وقفوا مع الدولة في أزماتها.
فإذا كان ماذكرته أعلاه صورة حقيقية نعيشها، وجب علينا جمعياً أن نعلم علم اليقين، بأن حياة المواطن قد تصبح مأساوية دون تاجر يوفّر له حاجيّاته من المنتجات والخدمات، وستكون الحياة أكثر صعوبة في حال عدم وجود مسؤول حكومي يمكّن ويحمي المواطن، كما أنه لا قيمة لأي إستثمار لأي رجل أعمال دون وجود مواطن يستفيد من هذه الإستثمارات بشكل أو بآخر، وبلا مسؤول حكومي يدعم ويسهّل ويشرّع ويضمن حقوق كافة الأطراف لن يتحرك اَي تاجر خطوة واحدة، والأمر ذاته للمسؤول الحكومي الذي عيّنه ولي الأمر لخدمة المواطن، بما في ذلك رجل الاعمال الذي يجب أن تعتمد عليه الدولة في بناء اقتصادها.
التحدي الحقيقي يا سادة ليس بالإنتقاد أو التهكّم، بل على العكس تماماً، كون الإنتقاد أو التهكّم هو أمر سهل للغاية خاصة إذا كنت (منسدح) بإستراحتك، أو كنتي في (جمعة حريم)، فالكل يصبح حينها سياسي محنّك ورياضي مخضرم وخبير اقتصادي وأخصائي اجتماعي و(سيبراني) أيضاً، بل أن التحدي الحقيقي يكمن في إحتواء هذه الأجواء وتلك المواقف والجلوس على طاولة واحدة وبناء جسور الثقة والإحترام المتبادل المبني على الأهداف المشتركة، لأن الإنتقاد أو التهكّم (الإيجابي طبعاً) قد يكون مقبولاً شريطة أن يُبنى على خبراتك ومؤهلاتك ومهاراتك وثقافتك فيما تتحدث أو تكتب عنه إضافة لتربيتك وأخلاقك قبل كل شيء.
لذا إن كان هناك إقصاء طرف لآخر، فنحن حينها كلنا على خطأ، لأنه طالما أن هنالك علاقة بين طرفين فكلا الطرفين مسؤولان عن استمرارية هذه العلاقة أو نهايتها وعن متانتها قبل هشاشتها، لذا لا للإقصاء…لا للإقصاء…لا للاقصاء، نحن نحتاج الجميع، المواطن يحتاج رجل الأعمال ورجل الأعمال يحتاج المواطن، وعلى المسؤول الحكومي تنظيم هذه العلاقة بكل كفاءة وفعالية.
الخلاصة : يقول المثل الكوري، حتى الورقة تصبح أخف إذا حملها إثنان.
ودمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال