الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عنوان هذا المقال كان سؤال من احد الاخوة الافاضل . عليه أقول:
لا اعتقد أن هناك من يملك الإجابة الصحيحة، وبالتالي فإن الدوران حول اية مشكلة بالتفكير والتمحيص والتعمق عادة ما تعطي نتائج أقرب الى الحقيقة والواقع.
دعني بداية احدد انني اتحدث عن السوق العالمي والامريكي بالذات الذي هو القاطرة التي تجر كل الاسواق. وسوف أختم بتداعيات الازمه على السوق المحلي.
بعض المصرفيين يتوقعون أننا بالقرب من الهاوية الجبلية للسوق، إنما لا يصرحون بذلك لأن ذلك يتعارض وعملهم في تسويق الاسهم والتعامل بها والبعض الاخر يصرح بذلك، وهناك من يؤمن بأن النزول تدريجي بمناسيب معقولة تُمكن مدراء الصناديق والافراد المتمكنون من معالجة امورهم وترتيب تموضع استثماراتهم.
عموماً دعنا نتحدث بشكل عام ونقول إن الاقتصاد اليوم اصبح مشكلة كبرى للسياسيين، والاسواق العالمية مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية للدول الكبرى، فالولايات المتحدة الأمريكية تعيش اليوم مشاكل متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية، وتنافس شرس بين ارباب المال ومشرعي التعاملات البنكيه ومعهم المنظرين الاقتصاديين.
وهناك المواطن الامريكي العادي وبالذات الطبقة المتوسطة الذي حاصرته الضغوط المالية، وتبعاً ذلك ولأن النظام الديموقراطي يتيح له ذلك، فإن مرشحهم الآن يتحدث بما يحبون أن يسمعوا رغم أنه ليس من طبقتهم واعني هنا (الرئيس ترامب ) الذي اكتشف أن الوسط الامريكي وليس شرق وغرب امريكا بغالبيته هذا مزاجه وهذه متطلباته، “امريكا اولاً وعدم الاهتمام بالأعراف الدولية؛ كاو بوي والقوة”.
إنما من سوء حظهم أن امريكا فقدت الاضطلاع بالقيادة الأخلاقية والفكرية العالمية خصوصاً مع بروز توازن القوى العالمية الناشئ مؤخراً، وبالتالي لن تتمكن من املاء شروط النظام العالمي الجديد، وعند ذلك تجد نفسها تتربع على دين عظيم فائدته فقط توازي الميزانية الدفاعية لها، وإملاءاتها السابقة كانت تتستر على تلك المصائب او اسميها المصائد السلبية للاقتصاد وهي المشتقات المالية،
دعوني هنا ابين بعض عن ماهي المشتقات المالية:
هي أنهم يتفننون في تصنيع القروض او مايتعارفون على تسميته بالرافعة المالية الذي هو اساس كل مشاكلهم، فقد أوجدوا منه أشكال متعددة منها الاقراض المباشر والقرض على القرض والقرض على تأمين القرض، والقرض العقاري والمركب ورهن الاسهم والشراء بالآجل للعملات النقدية، وما لانهاية له من اصناف القروض المركبه.
نعم تم التوسع في ذلك ومع فقدان جزءً من السيطرة على املاءات شروطهم على دول العالم، فلن تتمكن من بيع ما تشاء منها او تسديد فوائدها، خاصة أن تجربة شريكهم الآخر في اوروبا بالاتحاد تتصدع، فالتجربة الجديدة لاتحادهم وعملتهم اليورو، هي تجربة ربما اخذت تتهاوى الآن، وعلى جانبي الأطلسي أنحسر التفاؤل الذي ساد في بداية العقد وحل محله التشاؤم والقت المشكلة الاقتصادية بظلالها ونشطت الطبقة المتوسطة بالدفاع على الضغوط التي تتعرض لها.
وكما في امريكا من ديموقراطية كذلك في اوروبا التي سمحت للوسط البريطاني ورجل الشارع العادي أن يصوت بالخروج من الاتحاد الأوربي، رغم رغبة رجال المال والاعمال وطبقة المحامين والمحاسبين التي تساندهم، وفي فرنسا الازمة الآن لا تحتاج الى دليل، والاقتصاديون الألمان والمانيا ماكينة الاقتصاد الاوربي بدأوا الآن القلق الاقتصادي، وفي ايطاليا تحالف الحزبان، وجاء رئيس كما يقال ليس لديه حل لمشكلة الاقتصاد ، إنما هو من اتفق عليه الأتلاف الجديد .
من كل ذلك نرى أننا امام متغيرات اقتصادية كبرى وبالتالي لامفر من ازمة مالية مع انني مع الراي الذي يقول انها ستكون اقل حدةً من سابقتها لاسباب عديده هناك وعي مسبق بها ثم أن الاصول في البلدان النامية تراجعت قيمها مما يخفف من اثار الرافعة المالية ، لذلك كل ما نتمناه هو أن نرى انحدار تدريجي يمكن الجميع بالانتقال من عجلة اقتصادية كبرى اعتقدنا أن شحمها لحماً، الى عجلة اقتصادية أصغر تعتمد على الإنتاج الحقيقي وليس وهمي وهي المشتقات المالية والديون العظيمة.
بالنسبه للتاعيدات على السوق المحلي لاشك بأننا جزء من الاقتصاد العالمي ولااحد يستطيع قياس مدى تلك التداعيات الا أن سوقنا يختلف قليلاً حيث يعتمد في صلبه على عمودان رئيسيان وهو الاستقرار السياسي المحلي والاقتصاد الوطني وبالنسبة الى الاول فقد اكتسب على مر الزمن صلابة قوية منذ وفاة المؤسس رحمه الى عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز
وولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان حفظهما الله والمُلك وولاية العهد تنتقل بسلاسة وهدوء وامن وامان .
اما الاقتصاد الوطني فأنه مربوط باقتصاد واحد انتاجي وهو النفط وبالتالي فأن مؤشر السوق مربوط بمؤشر سعر النفط هبوطاً وصعوداً وهذه ميزة على المدى القريب وسلبية على المدى البعيد والرؤية الوطنية في جوهرها تؤكد المضي للانتاج المتنوع..
السؤال الاهم من التوقعات ما هي الأجراءات الوقائية التي يجب اتخاذها لتفادي الأزمة المالية والتي لنفترض انها قادمة ونكون بذلك في بر الآمان .
اتمنى ان نري على ارض الواقع مايعزز التوجه للانتاج الفردي والجماعي وهذا لن يكون الابتهيئة المجتمع وتعويده على الانتاج من خلال برامح ومشاريع متفرقة عملية واعلامية وفنية ورياضية كلها تصب في كيفية تغيير نمط السلوك الاستهلاكي والترفيهي والسهر الى تنظيم الوقت وجعل الانتاج هدف للافراد والجماعات وابتكار حلول جديدة وادوات تنفيذ ممكنة ولو بالتجزئة، كما مشروع مسك الذي ارفع له العقال ووزارة الصحة في الإسكان والذي اعتبره خطوة اكثر من صحيحة في مسار حل مشكلة الإسكان، وخطوة لم تحظي بالنقاش وكذلك نجد بنفس الطرح حلول لمشكلة البطالة بدلاً من الرسوم وفرض التوظيف بقوة النظام دون تحديد مكامن الممكن وغير الممكن.
الزبدة أن اسواق المال تستجب صعوداً مع كل حل اقتصادي صح. وبالتالي وجب الاقتصاد في النفقات وتوجيهها الى كل مشروع انتاجي فنحن امام ولادة نمط اقتصادي جديد يعتمد على القدرة الذاتية في الانتاج وحسن الأدارة ووضع حواجز محلية لحماية الانتاج المحلي بدلاً تحطيم الحواجز التي امن بها الجميع في منظمة التجارة العالمية.وكما اسلفنا الاسواق ستستحيب تبعاً لقوة وصحة الاصلاحات الاقتصادية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال