الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“كنت في بدايات حياتي العملية من الحريصين جداً وبكل إمتنان على تلبية الدعوات لحضور المؤتمرات، وكنت أشد حرصاً على الإستجابة الفورية لطلبات المشاركة في ورش العمل والندوات، حتى أكتشفت وفي وقت متأخر، بأني لم ولن أخرج بفائدة مهنية حقيقية من كلام المؤتمرات، مع فائدة محدودة جداً من بعض الندوات”. كان هذا حديث لزميل عمل سابق ألتقينا صدفة بعد إنقطاع. غاب زميلي عن المشهد جسدياً، ولم تغيب روح أعماله المميزة عن الاستمرار بالحضور الدائم.
أدهشني كثيراً ما سمعت منه، فهو مخالف بالمحتوى ومعاكس بالإتجاة لمفهوم سائد يصل لمستوى قاعدة شائعة ومتداولة تقول فكرتها، بأن مستقبلك المهني كموظف، مرتبط بمستوى استمرارية حضورك وظهورك بالمناسبات، وتسويق نفسك من خلال المشاركة بالمؤتمرات والندوات، وعلى حجم ماتبني فيها من صداقات أو حتى علاقات، فمن لا تحتاجه الأن قد تحتاج له بالمستقبل مهنياً أو شخصياً.
دفعني الفضول لمعرفة الدوافع والمسببات، وهل هي مجرد إنطباع وإعتقاد للزميل السابق، أم منهج وقاعدة فعلية يطبقها في حياته المهنية. فكان خلاصة كلامه أغرب من مما سبقه، فدوافعة كانت مهنية صرفة بحسب قوله، فهو مقتنع بأن الأفعال أجدى من الأقول، فالعبارات الدارجة في مثل تلك المناسبات وخصوصاً مايبدأ منها بحرف السين هي في الحقيقة وعود وأمنيات، وأن كانت قد قدمت بشكل خطط وتطبيقات، فعبارت مثل سنقوم وسنعمل وسنبحث تصنف أفعالاً فقط في قواعد اللغة العربية، ولكنها بنفس الوقت تصنف في قواعد الحياة وتجاربها، مجرد أقوالاً مستهلكة.
وفي الحقيقة لم يكن جوابه كافياً أو مقنعاً بالنسبة لي على الأقل، فقد ترك لي بعضاً من الأسئلة مثل، هل عقد المؤتمرات والمشاركة في الخطط المستقبلية يصنف كنوع مع الشفافية، أم كما قاله الزميل “كلام مؤتمرات”؟ وهل بالفعل عايش حالات عديدة تبدأ من المؤتمر وتنتهي بتحقيق كلي أو جزئي من الأهداف أو عدم التوفيق بتحقيق ما تم طرحه من خطط أو وعود؟ وهل كانت تلك المناسبات تتضمن أهداف واضحة ومؤشرات أداء أوضح مرتبطة بجدول زمني للتنفيذ أم لا؟.
قناعتي الشخصية تقول، بأن منهجيات مثل الحكم المسبق والنمطية الموحدة في التشائم أو التفائل لجميع الخطط المستقبلية، وخصوصاً التي تصدر من أشخاص لهم أرائهم المحترمة، وقواعدهم المحكمة، ونجاحاتهم الموثقة، لا تعني بالضرورة أن نظرتهم المستقبلية هي بالفعل واقع المستقبل وما سيكون عليه.
الفرضيات والتوقعات المستقبلية والأحتمالات وجاهزية الخطط البديلة أو الرديفة، جزء مهم أن لم يكن الركن الأهم لضمان الإستدامة لأي خطط تنفيذية مستقبلية وما تشمله من أهداف، لكنها لن تكون المعيار الأول للحكم على مايتم طرحة في صورة حوار أو نقاش أو كلام في المؤتمرات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال