الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تستقطع المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية 22% شهرياً من مرتب كل سعودي وسعودية (أي ربع مرتبه تقريباً) ممن يعملون في القطاع الخاص أو القطاع شبه الحكومي والبالغ عددهم 1.7مليون مشترك بمجموع رواتب 12 مليار ريال شهرياً منها 2.7 مليار ريال إيرادات شهرية للتأمينات، إضافة لأكثر من 7 ملايين وافد يتم إستقطاع 2% شهرياً من مرتباتهم البالغ إجماليها 16مليار ريال شهرياً منها 320 مليون ريال إيرادات شهرية للتأمينات، ليصبح مجموع إيرادات التأمينات الإجتماعية الشهرية ٣ مليار ريال تقريباً، حسب إحصائيات الربع الرابع من عام 2018م، ويتنوّع الغرض من تلك الإستقطاعات مابين معاشات تقاعد وتعويضات وتغطية تأمينية وأخطار وأيضاً لدعم نظام التعطل عن العمل (ساند).
وإذا ما نظرنا لحجم إستثمار التأمينات الإجتماعية في سوق الأسهم السعودي والذي يُعتبر كغيره من أسواق المال من الأدوات الاستثمارية عالية المخاطر والتي تستوجب عدم استثمار أكثر من 10% من مدخراتك حسب رأي المختصين، نجد أن التأمينات الاجتماعية استثمرت مايقارب من 70 مليار ريال في سوق الأسهم السعودي فقط خلال الفترات الماضية إضافة للعديد من الإستثمارات الأخرى العقارية وغير العقارية الداخلية والخارجية والتي لا يمكننا بأي حال من الأحوال الإطلاع على تفاصيلها.
إذاً نحن أمام مؤسسة تُدير إيرادات مضمونه للمواطنين المشتركين بها بمئات المليارات، لذا من الواجب عليها إدارتها واستثمارها بشكل آمن وبمخاطر شبه معدومة حتى وإن انخفضت العوائد أسوة بالعديد من الصناديق السيادية في كافة أنحاء العالم.
لكن الأمر المستفز والمزعج أن يكتشف المشتركين من المواطنين أن لدى التأمينات الإجتماعية عجزاً إكتوارياً (متوقعاً) يبلغ 200مليار ريال وهو أمر خطير قد يعصف بمدّخرات ومعاشات السعوديين مما حرّك أعضاء مجلس الشورى لمناقشته، واستشعاراً لخطورة الأمر أيضاً شكّل مجلس الشؤون الاقتصادية لجنة لدراسة مشكلة هذا العجز منذ شعبان 1436ه حسب جريدة الرياض، ولم تعلن النتائج حتى هذه اللحظة أو قد تكون هنالك مصلحة عامة في عدم إعلانها.
لكن لطالما أن كل تلك الأموال هي اشتراكات عاملين ومدخرات مواطنين وجب أن نتعامل مع الأمر بأعلى مستويات الحوكمة، فلِمَ لا تكون هنالك جمعية عمومية للمؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية تضم فئات مختلفة من المشتركين أصحاب تلك الإستثمارات وليس فئة نخبوية فقط، ليطّلعوا على سير العمل بما في ذلك القوائم المالية للمؤسسة واستثماراتها وتوجهاتها وليكونوا على مقربة من التحديات التي تواجهها المؤسسة بل ويحاسبوا من يخفق في إدارة تلك الاستثمارات حسبما تنص عليه الأنظمة والقوانين.
يأتي ذلك لأن سدّ عجز كهذا حسب تلميحات المؤسسة سيكون أيضاً على حساب المواطن المشترك إما عبر زيادة نسبة الإستقطاع الشهري أو رفع عمر التقاعد إلى 65سنة بدلاً من 60سنة وصولاً لخفض منافع التقاعد، ضاربين بعرض الحائط هدفهم المنشود وهو التكافل الإجتماعي، ومتناسين هرم (ماسلو) الشهير.
وأخيراً قد أتقبّل تأخر التأمينات الإجتماعية في أتمتة إجراءاتها ومواكبة التحول الرقمي الحكومي المبهر حقيقة، وقد أتقبّل عقم بعض إجراءات المؤسسة والتي عفى عليها الزمن، لكن لا أتخيل فكرة قبول عجز ضخم كهذا دون مبررات واضحة ومنطقية وحلول عملية لسدّه، ولا أتصور أن ذلك سيمر مرور الكرام على قيادتنا الحكيمة خاصة في هذه المرحلة الإنتقالية التي نعيشها.
الخلاصة : التأمينات تحتاج إلى تأمينات.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال