الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
فجع العالم بأسره يوم الجمعة الماضي بحادثة مأساوية وذلك بقيام رجل في مدينة كرايس تشيرش النيوزلندية بهجوم متعمد على مصلين أثناء قيامهم بالصلاة في يوم الجمعة وراح ضحية هذا الهجوم أكثر من خمسين شخص ما بين قتيل ومصاب. تبين لاحقاً أن الفاعل رجل استرالي يدعى برينتون تارنت. وصرح تبعاً لذلك رئيس الوزراء الأسترالي بأن القاتل إرهابي متطرف ووضّح أن علاقة استراليا بنيوزيلندا ليست تحالف ودولة صديقة فقط بل يتعدى ذلك إلى كونهم أسرة وذوي قربى وأنه يشعر بالأسى والحزن على ذلك.
ليست من عاداتي أن أكتب عن أحداث سلبية ولكن هذا الحدث الكبير له أبعاد وتبعات كبيرة من وجهة نظري. فأولها أن ذلك الهجوم بدافع عرقي ديني وذلك باستهداف المصلين المسلمين الذين أغلبهم مهاجرين من دول مختلفة إلى نيوزلندا وما كتبه الإرهابي من عبارات ورموز عنصرية عرقية ودينية على أسلحته وما نشره في بيانه المؤلف من ٧٤ صفحة الذي يشرح فيه تخطيطه لجريمته وأسبابه الداعية لذلك. ودائماً ما تكون العنصرية ضد عرق أو دين معين هو موضوع حساس جداً وجميع الدول تحاول أن تظهر عكس ذلك.
ثانياً: الإرهابي عمل جريمته النكراء بدم بارد ووثقها عبر حسابه في الفيسبوك مما يتيح للعالم بأسره بأن يكون شاهداً على تلك الجريمة فلا يمكن انكارها أو تجميلها بأي عمليات تجميلية.
ثالثاً: ذلك الحدث أخذ ثقلاً عالمياً واستنكرت العديد من الدول والكثير من رؤساء العالم تلك الجريمة.
رابعاً: على الرغم من أن هذا الحدث مؤسف للإنسانية جمعاء، إلا إنه يمس المسلمين بشكل خاص واللذين لهم وزنهم عالمياً سواء كعدد سكاني أو كدول لها ثقلها دولياً.
خامساً: هذا الحدث يمس السعوديين بشكل خاص خصوصاً بعد استشهاد محسن الحربي السعودي الذي ظهر في الإعلام رافعاً سباباته قبل أن يستشهد متأثراً بجراحه عليه رحمة الله.
هذه الأسباب تزيد صعوبة موقف استراليا كثيراً. فهي الدولة الآمنة التي دائما ما تحاول أن توضّح أنها دولة تحترم وترحب بجميع الأديان والأعراق وتتفاخر بذلك التنوع العرقي والديني لها وكيف أنه مصدر قوة وفخر. بذلك التصرف من فرد واحد فقط أعتقد أنه أحرج دولة بكاملها عملت على مدار سنوات عديدة في بناء صورة ذهنية وهي “الترحيب بالجميع” إلى ربما صورة ذهنية تناقضها تماماً.
كذلك، تولي الحكومة الأسترالية اهتماما ً كبيراً بالسياحة حيث يساهم القطاع السياحي في الناتج المحلي لأستراليا. السؤال هنا، هل ستؤثر تلك الحادثة على السياحة هناك؟ وكم مقدار ذلك التأثر؟ وكم ستتكلف الحكومة الأسترالية حتى تحسن من صورة السياحة لأستراليا لأن الإعلام أشار في تلك الحادثة إلى جنسية ذلك المجرم. فالذي يرسخ هنا على الأرجح ليس اسمه بل جنسيته.
وتذكرني تلك الحادثة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر وآثارها السلبية على العلاقات السعودية الأمريكية من جهة وصورة السعودية دولياً من جهة أخرى وكيف أن تلك الحادثة أثرت على سمعة وطن كامل بمواطنيه بسبب أن هناك بعضاً من الفاعلين يحملون الجنسية السعودية، مما استدعى جهود كبيرة قامت بها الدولة لسنوات طويلة في تحسين صورة السعودية وكيف أنها تحارب الإرهاب والتطرف الذي لا يمثلها ولا يمثل شعبها السمح المعتدل.
خلاصة القول، المواطن سفير لدولته في الخارج، والفرد الذي يحمل جنسية بلده مسؤول عنها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال