الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعتبر التعليم حجر زاوية في تقدم كثير من الأمم، بل تكاد لا تجد دولة متقدمة إلا ويكون قطاع التعليم فيها متطورا ومواكبا لتوجهاتها على كافة الأصعدة بشكلٍ حتمي، حتى أصبح التعليم رافداً رئيسيا في تطور أي مجتمع وتقويم سلوكياته؛ لذا تعمد دول العالم أجمع بتخصيص أكبر حصص من ميزانياتها لقطاع التعليم.
لكن بالمملكة العربية السعودية لم يخرج هذا المارد من قمقمه بعد، فرغم كل نجاح وتقدم حققته الدولة بشكلٍ عام، فإني أتفهم التحديات التي تواجه قطاع التعليم ومسؤوليه منذ القِدم، أتفهم التحديات البشرية في إدارة وتطوير أكثر من نصف مليون موظف وموظفة يقدمون خدماتهم لأكثر من 6 ملايين طالب وطالبة، يشكلون عماد مستقبل السعودية الجديدة، وهذا أمر قد تتغلب عليه خصخصة قطاعات التعليم قريبا، وأتفهم أيضا التحديات الأيديولوجية التي مرت بها الوزارة عبر السنين، والتي بدأت تتلاشى بفضل الله ثم بفضل التعيينات القيادية النوعية الجديدة، وغير ذلك من التحديات التي لا يجب أن تكون مبررا أو ذريعة لأي تقصير أو تاخير في النهوض، في زمن تؤمن فيه القيادة بتطوير قطاع التعليم أكثر من أي وقت مضى، بل وتخصص له أكبر حصة في ميزانيتها كل عام.
ولا أخفيكم سرا إن قلت أن مخرجات قطاع التعليم والتي لا تتوائم مع متطلبات سوق العمل هي أحد الأمور الرئيسية المسببة لارتفاع معدلات البطالة وانحسار الفرص الوظيفية لأبنائنا وبناتنا؛ الأمر الذي حرّك جميع أجهزة الدولة بتوجيه من القيادة منذ سنوات ولسنوات قادمة محاولةً لإصلاح ما أفسده الدهر. وإذا كنا نبحث عن الشفافية في الطرح فيجب أن نُقر بأن تأخر رياضتنا وتذيلنا قوائم الترتيب في أغلب الرياضات هي ليست مشكلة القيادة الرياضية بالدرجة الأولى، بل هي مسؤولية قطاع التعليم؛ لعدم اهتمامه بالرياضة المدرسية منذ قديم الزمن، أسوةً بكل دولة متقدمة رياضيا وإن كان هذا الامر بدأ بالزحف إلى الأمام بمبادرة تُشكر عليها القيادة الرياضية.
كما يجب أن نكون واضحين ونعترف أن دور قطاع التعليم التوعوي كمنهجٍ كان غائب في القضاء على الكثير من الظواهر السلبية في المجتمع، كالطلاق والسمنة والحوادث وانخفاض معدلات القراءة وغيرها من الأمور، والتي كان ممكنا السيطرة عليها وتقويضها، فالمكان الأكثر ظلاما يقع تحت الشمعة بالضبط (مثل كوري).
نحن لم نصل بعد لنصف ما نملكه من إمكانيات، نحن نتحدث عن قطاع لديه كل مقومات النجاح من تركيبة ونمو سكاني مميزين، وبنية تحتية جيدة وميزاينة تريليونية وإيمان واهتمام مُطلق من القيادة قبل كل شيء، مما يمكّن هذا القطاع بأن يكون أنموذج يحتذى به عالميا، نحن نتحدث عن معلم وطالب ومنهج ومرفق تعليمي، هذي هي الأضلاع الأربعة لمربع التعليم، والإخلال بأي ضلع منها سيعيق الحركة كثيرا، فكيف إذا كانت الأضلع الأربعة مكسورة!
نحن نتحدث عن قطاع يُدير أكثر من 30 ألف مدرسة يمكن أن تكون منبرا إعلاميا ساحرا ومؤثرا، بل يمكن أن تُستخدم تلك المرافق في إقامة برامج ترفيهية واجتماعية وتوعوية تخدم الوطن والمواطن؛ لذا فالمسالة ليست مسؤولية شخص وعواقبها لن يستطيع تحملها شخص بمفرده، ولن ينهض قطاع التعليم ولن يواكب المرحلة عبر إدارته بطرق تقليدية تجعلني أفكر كثيرا في لعبة (ليغو) الشهيرة التي يمكن أن تُفكك ويعاد تركيبها بل وتوزع بعض قطعها للآخرين.
الخلاصة: إن كان هنالك تحدٍ لرؤية 2030، فبالتأكيد سيكون قطاع التعليم مصدر هذا التحد.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال