الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثر الحديث في السنوات الاخيرة عن أهمية البيانات والتحليل (Analytics) ومعلومات الاعمال الاستطلاعية (Business Intelligence والتي ترجمت خطأ برأيى الى ذكاء الاعمال) حيث ذهب بعض المهتمين بالمجال الى تسمية البيانات بالذهب او النفط الجديد بينما يرى البعض الاخر بانها اكثر تميز من النفط لوجود خصائص مثل الاستدامة وغيرها، والبقية مابين مشكك او منكر.
فعلى الرغم من مصداقية الجملة نوعاً ما بالنظر الى شركات مثل جوجل وفيسبوك واللتان تجنيان ايرادات بمئات المليارات من الدولارات سنوياً نظير بيع منتجات تعتمد بشكل رئيسي على البيانات ( 86% و98% من إيراداتهم على التوالي مشتقة من البيانات)، الا ان هذه الجملة اذا أخذت خارج السياق بقصد او بغير قصد، تكون اسراف بالمبالغة حيث تهمل الحاجة لوجود الاستراتيجية والاستثمار والجهد المطلوب لتحويل البيانات الى الذهب/النفط الجديد.
في هذه السلسلة من المقالات، سنتعرف في البداية على أهمية البيانات والتحليل في حياة المنشأت والعملاء والسكان وذلك بعرض مجالات وإبعاد استخداماتها الحالية والمستقبلية. وفي المقالات القادمة، سنتطرق للبعد التاريخي لعلم البيانات، و أنواع التحليل، ورحلة تطويع البيانات، والأدوات والوسائل المستخدمة، والخبرات والمواهب المرتبطة بالمجال، وكيفية تحويل البيانات الى ميزة تنافسية ونعمة بدل ان تكون نقمة ووبال على المنشأة.
ففي مجالات وابعاد استخدامات البيانات عند توفرها بجودة عالية، من الممكن لهيئة تطوير مدينة او هيئة نقل معرفة انسب الطرقات والأوقات لجدولة مسارات النقل العام بناء على تحركات السكان كما بإمكانهم توفير المعلومات السابقة لسائقي سيارات الأجرة (أوبر/كريم او الليموزين) لتوجيههم للمناطق ذات الحاجة وبالتالي المساهمة بتخفيف الزحام والتلوث البيئي وخفض تكاليفهم وبالتالي الأسعار.
كما بامكان منشآت حكومية اخرى استخدام بيانات السكان الفعلية (عوضاً عن البيانات المبنية على استبيانات او مسوحات سكانية) لتوجيه التطوير العمراني، او لتوزيع المدارس والجهات الخدمية على الأحياء او اعادة توزيع موارد المدارس (ميزانيات، كادر تعليمي واداري)، او لإعادة وزن عملية توزيع الطاقة الأساسية (كهرباء، مياه، اتصالات).
وفي مجال اخر غير التخطيط السكاني والعمراني، يمكن لجهات حكومية او تجارية اكتشاف حالات احتيال/غش بناء على تحليل بيانات من مصادر مختلفة للسكان/للعملاء. كما بالإمكان كذلك ان تتمكن شركة تجزئة من معرفة حالات اجتماعية مبكراً كالحمل والزواج (في حالة حقيقة، تم التعرف على حالة حمل قبل معرفة العائلة المعنية نفسها؛ التفاصيل في مقال قادم). وفي نفس السياق، بإمكان منشأة خدمية من معرفة نية عميلهم بالانتقال لمنافس، و بإمكان مؤسسة مالية من معرفة حاجة عميل ذو مالأة لقرض، وبإمكان شركات تقنية (مثل جوجل، فيسبوك، مزودي الإنترنت) من معرفة ادق السلوكيات والعلاقات لدى المستخدمين مثل أوقات و أماكن الراحة و العمل، معرفة نوعية العمل، ووجهات وطبيعة وخطط السفر، ومعرفة العلاقات بين الأفراد و طبيعتها (من المؤثر، قائد، تابع، الخ) و القائمة تطول.
في المقالات القادمة، سنتطرق للجوانب المختلفة للبيانات والتحليل بداً من التسلسل التاريخي لتطور الاهتمام بعلم البيانات وانتهاء بكيفية تطويع هذا الكم الهائل من البيانات للاستفادة منها لأغراض تنافسية كتحسين الخدمات المقدمة او لزيادة الإيرادات او خفض المصروفات.
ملاحظة: تم كتابة المقال بعناية لتجنب التطرق لمصطلح “البيانات الضخمة” والذي يعاني من فرط استخدام ومبالغة بالوعود بعد اختطافة من قبل متطفلين على التخصص وشركات استشارية واستخدامه ليعني كل شي وبالتالي لاشئ. في مقال قادم، سيتم التفصيل في المصطلح بإسهاب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال